وأصل الطاعة الانقيادُ.
وأما الحديث : فنقول فيه إنه عام، وحديثنا خاص، والخاصُّ مقدَّمٌ على العامِّ.
قوله تعالى :﴿ فَإِنَّ الله شَاكِرٌ عَلِيمٌ ﴾.
قال ابنُ الخَطِيب : اعلَمْ أنَّ الشاكِرَ في اللُّغة هو المظهر للإنعام عليه، وذلك في حقِّ الله محالٌ، فالشاكر في حقِّه - تبارك وتعالى - مجازٌ، ومعناه المجازيُّ على الطاعة، وإنما سمى المجازاة على الطَّاعة، شكراً؛ لوجوه :
الأول : أن اللفظ خرج مخرج التلطُّف للعبادة، ومبالغة في الإحسان إليهم؛ كما قال تعالى ﴿ مَّن ذَا الذي يُقْرِضُ الله قَرْضاً حَسَناً ﴾ [ البقرة : ٢٤٥ ] وهو سبحانه وتعالى لا يستقرض من عوض، ولكنه تلطف في الاستدعاء؛ كأنه قيل : من ذا الذي يعمل عمل المقرض؛ بأن يقدم فيأخذ أضعاف ما قدّم.
الثاني : أنَّ الشُّكر لما كان مُقابلاً [ للإنعام أو الجزاء ] عليه، سُمِّي كلُّ ما كان جزاء شكراً؛ على سبيل التشبيه.
الثالث : أن الشكر اسم لما يجازى به، والله تعالى هو المجازي، فسمِّي شاكراً، فعلاقة المجازاة.
[ وقال غيره :] بل هو حقيقةٌ؛ لأنَّ الشكر في اللُّغة : هو الإظهار؛ لأنَّ هه المادَّة، وهي الشين، والكاف، والراء تدلُّ على الظُّهور، ومنه : كَشَرَ البَعِيرُ عن نَابه، إذا أظهره؛ فإنَّ الله تعالى يظهر ما خَفِيَ من أعمال العبد من الطَّاعة، ويُجَازِي عليه.
وقيل : الشُّكْرُ : الثناء، والله تعالى يُثْني على العبد، فلا يبخس المستحقَّ حقَّه، لأنَّه عالمٌ بقدره، ويحتمل أنه يريد أنَّه عليمٌ بما يأتي العَبْدُ، فيقوم بحقِّه من العبادة والإخلاص.