الثاني : أنها في الآخِرَة، إذا أُعِيدَت، وجُعِلَتْ من العُقَلاء فإنَّها تَلْعَنُ مَنْ فَعَل ذلك في الدُّنْيا، ومَاتَ عَلَيْهِ.
وقيل : إنَّ أهْلَ النَّار يَلْعَنُونَهُمْ وقيل يلْعَنُهُمُ الإنْسُ والجِنُّ.
وقال ابنُ مَسْعُود - رضي الله تعالَى عَنْه - : ما تَلاَعنَ اثْنَانِ من المُسْلِمِينَ إلاَّ رجَعَتْ تلْكَ اللَّعْنَةُ على اليَهُود والنَّصَارَى الَّذين كَتَمُوا أَمْرَ محمَّد - صلواتُ اللَّه وسلامهُ علَيْه - وصِفَتَهُ. وعن ابْنَ عَبَّاس : أنَّ لهم لعنتَيْنِ لعنة اللَّه، ولَعْنَة الخَلاَئِقِ، قال : وذلك إذَا وُضِعَ الرَّجُلُ في قَبْرِهِ، فَيُسْأَلُ ما دِينُكَ؟ وما نَبِيُّكَ؟ وما رَبُّكَ؟ فيقول : لا أَدرِي فيُضْرَبُ ضربةً يسمعها كلُّ شَيْءٍ إلاَّ الثَّقَلَيْنِ، فلا يَسْمَعُ شيْء صَوْتَه إلاَّ لَعَنَهُ، ويقول المَلَكُ : لاَ دَرَيْتَ وَلاَ تَلَيْتَ، كذَلِكَ كُنْتَ فِي الدُّنْيَا.
وقال أَبُوا مُسْلِمٍ :« اللاَّعِنُون هم الَّذِين آمَنُوا به، ومعْنَى اللَّعْنَة، مباعدةُ المَلْعُون، ومُشَاقَّتُه، ومخالَفَتُه مع السَّخَط عليه.
وقيل : الملائكةُ، والأنبياءُ، والصالحُون؛ ويؤكِّده قولُهُ تعالَى :﴿ إِن الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ الله والملاائكة والناس أَجْمَعِينَ ﴾ [ البقرة : ١٦١ ].
وقال قتادة :» الملائكةُ «.
قال الزَّجَّاجُ : والصوابُ قَوْلُ مَنْ قال :» اللاَّعِنُونَ الملائكة والمؤمنونَ «، فأمَّا أن يكون ذلك لدوَابِّ الأَرْضِ فلا يُوقَفُ على حقيقته إلاَّ بنَصٍّ أو خَبَرٍ لاَزِمٍ، ولم يوجَدْ شيءٌ من ذذلك.
قال القرطبِيُّ : قد جَاءَ بذلك خَبَرٌ رَوَاهُ البَرَاء بن عَازِب، قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلّى الله عليه وعلى آلِهِ، وسَلَّم، وشَرَّف، وكَرَّم، ومَجَّد، وبَجَّل، وعَظَّم - في قوله تعالى :» يَلْعَنُهُمُ اللاَّعنُونَ « قال :» دوابُّ الأَرْض « أخْرَجَه ابْنُ ماجَةَ.
وقال الحَسَن :» جميعُ عبَادِ اللَّه «.
قال القاضِي :» دلَّتِ الآيةُ على أنَّ هذا الكِتْمَان من الكَبَائر لأنَّه تعالَى أَوْجبَبَ فيه اللَّعْن.