﴿ وَلَوْ ترى إِذْ وُقِفُواْ عَلَى النار ﴾ [ الأنعام : ٢٧ ] ﴿ وَلَوْ ترى إِذْ فَزِعُواْ ﴾ [ سبأ : ٥١ ] ولما كان وقوعُ السَّاعةَ قريباً، أجْرَاه مجرَى ما حَصَل ووضع، مِنْ ذلك قولُ المُؤَذِّن : قَدْ قَامَتِ الصَّلاَة، يقوله قبل إيقَاعِ التَّحْريم بالصَّلاَة؛ لقرب ذلك.
وقيل : أَوْقَعَ « إِذْ » موقع « إِذَا » ؛ [ وقيل : زمن الآخر متصلٌ بزمن الدنيا، فقام أحدهما مقام الآخر؛ لأنَّ المجاور للشَّيء يقوم مَقَامه، وهكذا كُلُّ موضع وقع مثْلَ هذا، وهو في القرآن كثير ].
وقرأ ابن عامر « يَرَوْنَ الْعَذَابَ » مبنيّاً للمفعول من « أَرَيْتُ » المنقولة مِنْ « رَأَيْتُ » بمعنى « أبْصَرْتُ » فتعدَّى لاثنين :
أولهما : قام مقام الفاعِلِ، وهو الواو.
والثاني : هو العذاب.
وقراءُ الباقين واضحة.
وقال الراغب : قوله : أَنْ القُوَّةَ « بدلٌ من » الَّذِينَ « قال :» وهو ضعيفٌ «.
قال أبو حيَّان رحمه الله - ويَصيرُ المَعْنَى :» ولو تَرَى قُوَّة اللَّهِ وقُدْرَتَهُ على الَّذين ظَلَمُوا « وقال في المُنْتَخَب : قراءة الياء عند بعضهم أَوْلى من قراءة التَّاء؛ قال :» لأَنَّ النبيَّ - عليه الصَّلاة والسَّلام - والمؤمِنِينَ قَدْ علِمُوا قدْرَ ما يُشَاهِدُه الكُفَّار، وأما الكُفَّار، فلم يعلَمُوه؛ فوجَبَ إسْنادُ الفِعل إِلَيْهِم « وهذا أمر مردودٌ؛ فإن القراءتَيْن متواترتَانِ.
قوله تعالى :» جميعاً « حالٌ من الضَّمير المستكنِّ في الجارِّ والمجرور، والواقعِ خَبَراً، لأنَّ تقديره :» أّنَّ القُوَّة كائنةٌ لله جميعاً «، ولا جائزٌ أنْ يكونَ حالاً منَ القُوَّة؛ فإن العامل في الحال، هو العامل في صاحبها، وأَنَّ لا تعمَلُ في الحال، وهذا مشكل؛ فإنهم أجازوا في » ليت « أن تعمل في الحال، وكذا » كأنَّ « ؛ لِمَا فيها من معنى الفعل - وهو التمنِّي والتَّشْبيهُ - فكان ينبغي أن يجوز ذلك في » أَنَّ « لما فيها مَعْنَى التَأْكِيد.
و » جَمِيعُ « في الأصل :» فَعِيلٌ « من الجمع، وكأنه اسم جمع؛ فلذلك يتبع تارةً بالمُفرد؛ قال تعالى :﴿ نَحْنُ جَمِيعٌ مُّنتَصِرٌ ﴾ [ القمر : ٤٤ ] وتارة بالجَمع؛ قال تعالى :﴿ وَإِن كُلٌّ لَّمَّا جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ ﴾ [ يس : ٣٢ ] وينتصب حالاً، ويؤكَّد به؛ بمعنى :» كُلّ « ويدلُّ على الشمول؛ كدلالة » كُلِّ «، ولا دلالة له على الاجتماع في الزَّمان، تقول :» جاءَ القَوْمُ جَمِيعُهُمْ « لا يلزمُ أنْ يكُونَ مجئيهم في زمن واحدٍ، وقد تقدَّم ذلك في الفَرْق بينهما وبين » جاءُوا معاً «.