﴿ فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ ﴾ [ الأعراف : ١٦٩ ] وقوله ﴿ إِنَّ فِي اختلاف الليل والنهار ﴾ [ يونس : ٦ ] أي : كل واحد منهما يأتِي خَلْف الآخر، [ وقوله ﴿ وَهُوَ الذي جَعَلَ الليل والنهار خِلْفَةً ﴾ [ الفرقان : ٦٢ ]. أي كُلُّ واحدٍ منهما يخلفُ الآخر ]، وفي الآية الكريمة تأويلاتٌ ثلاثٌ أُخَرُ.
أحدها : أن يكونَ المراد ب « الكِتَابِ » جنْسَ ما أنزل الله، والمراد ب ﴿ الذين اختلفوا فِي الكتاب ﴾ الذين اختلفَ قولهُمْ في الكتاب، فقلبوا بعضَ كُتُب الله، وهي التوراة والإنجيلُ؛ لأجل عداوتك، وهم فيما بينهم في شقاقٍ بعيدٍ، ومنازعة شديدةٍ، فلا ينبغي أن تلتفت إلى اتَّفاقهم على العداوة؛ فإنه ليسَ بينهم مؤالَفَة وموافَقَةٌ.
وثانيها : كأنه تعالى يقُولُ : هؤلاءِ، وإن اختلفُوا فيما بينهم، فإنَّهم كالمتفقين على عَدَاوتك، وغاية المشاقَّة لك، فلهذا خَصَّهم الله بذلك الوَعِيدِ.
صاحبه، ويشاقُّه، وينازعه، وإذا كان كذلك، فقد عرفت كذبَهُمْ، بقولهم، فلا يكُونُ قدحُهُمْ فيك قَدْحاً ألبَتَّة.


الصفحة التالية
Icon