« إِنَّهَا مِمَّا نَسَخَ اللهُ البَارِحَةً » وسعيد بن المسيّب يسمع ما يحدث به أبو أمامة، فلا ينكره.

فصل في بيان أنه ليس شرطاً البدل في النسخ


قال قومك لا يجوز نسخ الحكم إلاَّ بدل واحتجوا بهذه الآية.
وأجيبوا بأن نفي الحكم، وإسقاط التعبُّد به خير من ثبوته في ذلك الوقت، وقد نُسِخَ تقديم الصدقة بين يدي الرسول لا إلى بدل ].

فصل في جواز النسخ بالأثقل


قال قوم : لا يجوز نسخ الشيء إلى ماهو أثقل منه، واحتجوا بأن قوله :﴿ نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا ﴾ ينافي كونه أيقلح لأن الأثقل لا يكون خيراً منه ولا مثله.
وأجيب : بأن المراد بالخير ما يكون أكثر ثواباً في الآخرة، ثم إن الذي يدلّ على وقوعه أن الله سبحانه نسخه في حقّ الزناة الحبس في البيوت إلى الجلد والرجم، ونسخ صوم عاشوراء بصوم رمضان، و كانت الصَّلاة ركعتين عند قوم، فنخست بأربع فى الحضر.
وأما نسخه إلى الأخف، فكنسخ العدّة من حَوْل إلى أربعة أشهر وعشرة، وكنسخ صلاة اللَّيل إلى التخيير فيها.
وأما نسخ الشيء إلى المثل فتحويل القِبْلَة.

فصل : الكتاب لا ينسخ بالسُّنَّة المتواترة


قال الشافعي رضي الله عنه : الكتاب لا ينسخ بالسُّنة المتواترة، واستدل بهذه الآية قال : لأنه قوله تعالى :﴿ نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا ﴾ يفيد أنه يأتي بما هو من جنسه خير منه، كما إذا قال الإنسان : ما أخذ منك من ثواب آتيك بخير منه، وجنس القرآن قرآن، وأيضاً المنفرد بالإتيان بذلك الخير، وهو القرآ، الذي هو كلام الله تَعَالى.
وأيضاً فإن [ السُّنة لا تكون خيراً من القرآن ].
وروى الدَّارقطني عن جابر أن النبي ﷺ قال :« القُرْآنُ يَنْسَخُ حَدِيُثِي وحَديْثِي لا يَنْسَخُ القُرْآنَ ».
وأجيب عن قوله تعالى :﴿ وَمَا يَنطِقُ عَنِ الهوى إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يوحى ﴾ [ النجم : ٣-٤ ] وقوله :﴿ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فانتهوا ﴾ [ الحشر : ٧ ] وإذا ثبت أن الكل من عند الله، فالناسخ في الحقيقة هو الله تعالى [ أقصى ما فيه أنَّ الوحي ينقسم إلى قسمين متلوّ، وغير متلو ] وقد نسخت الوصية للأقربين، لقوله ﷺ :« لاَ وَصِيَّة لِوَارِثِ ».
ونسخ حبس الزَّاني في البيوت بخبر الرجم.
والجواب : استدل به الشافعي رضي الله عنه من الآية، وأما الوصية فإنها نسخت بأية المواريث قاله عمر وابن عباس رضي الله عنهما وأشار النبي ﷺ إلى هذا بقوله :


الصفحة التالية
Icon