« صَلاَةُ الأَوَّابِينَ، إذَا رَمِضَتِ الفِصَالُ » أخرجه مسلم، ورَمَضَ الفِصَالُ، ذا حرَّق الرَّمْضَاء أحقافها، فتبْرُكُ من شدَّة الحَرِّ.
يقال : إنَّهم لما نقلوا أسماء الشُّهُور عن اللُّغَةِ القديمةِ، سمَّوها بالأزمنة الَّتي وقعت فيها، فوافق هذا الشَّهْرُ أيَّام رَمَضِ الحَرِّ، [ فسُمِّيَ به؛ كَرَبِيع؛ لموافقته الربيعَ، وجُمَادى؛ لموافقته جُمُودَ الماء، وقيل : لأنه يُرْمِضُ الذنوب، أي : يَحْرِقُها، بمعنى يَمْحُها ].
روي عن النَّبِيِّ ﷺ أنَّه قال :« إنَّما سُمِّيَ رَمَضَانَ، لأنَّهُ يُرْمِضُ ذُنُوبَ عِبَادِ اللَّهِ »
وقيل : لأنَّ القلوبَ تَحْتَرِقُ فيه من الموعظة، وقيل : من رَمَضْتُ النَّصْلَ أَرْمُضُهُ رمضان إذا دققته بين حجرين، ليرقَّ يقال : نَصْلٌ رَمِيضٌ ومَرْمُوضٌ.
وسُمِّيَ هذا الشَّهْرُ رَمَضَانَ؛ لأنهم كانوا يَرْمُضُون فيه أسلحتَهُمْ؛ ليقضوا منها أوطارهم؛ قاله الأزهريُّ.
قال الجوهريُّ : وَرَمَضَانُ : يُجمع على « رَمَضَانَات » و « أَرْمِضَاء » وكان اسمه في الجاهلية نَاتِقاً، أنشد المُفَضَّل :[ الطويل ]
٩٤٢أ - وَفي نَاتِقٍ أَجْلَتْ لَدَى حَوْمَةِ الوَغَى | وَوَلَّتْ عَلَى الأَدْبَارِ فُرْسَانُ خَثْعَمَا |
وقال مجاهدٌ : إنه اسم الله تعالى، ومعنى قول لقائل :« شَهْرُ رَمَضَانَ »، أي : شَهْرُ اللَّهِ، وروي عن النبيِّ ﷺ أنَّه قال :« لا تَقُولُوا : جَاءَ رَمَضَانُ، وذَهَبَ رَمَضَانُ، ولَكِنْ قُولُوا : جَاءَ شَهْرُ رَمَضَانَ؛ وَذَهَبَ شَهْرُ رَمَضَانَ، فإنَّ رَمَضَانَ اسْمٌ مِنْ أسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى »
قال القُرْطُبِيُّ :« قال أهْلُ التَّاريخِ : إنَّ أوَّلَ مَنْ صَامَ رمَضَانَ نُوحٌ - عَلَيْهِ السَّلام - لمَّا خَرَجَ من السَّفينة »، وقد تقدَّم قوم مجاهدٍ :« كَتَبَ اللَّه رمَضَانَ عَلَى كُلِّ أمَّة » ومعلومٌ أنَّه كان قبل نوحٍ - عليه السَّلام - أُمَمٌ؛ فالله أعلم.
والقرآن في الأًل مصدر « قَرَأْتُ »، ثم صار علماً لما بين الدَّفَّتَيْنِ؛ ويُدلُّ على كونه مصدراً في الأصل قول حسَّانٍ في عثمان - رضي الله عنهما - :[ البسيط ]
٩٤٢ب - ضَحَّوْا بأَشْمَطَ عُنْوَانُ السُّجُودِ بِهِ | يُقَطِّعُ اللَّيْلَ تَسْبِيحاً وقُرْآنا |