والمراد منه التخفيف بتأخير الصَّلاة إلى آخر الوقت؛ ويقال أتاني هذا المال عفواً، أي : سهلاً.
وعن الخامس : بأنَّهم كانوا بسبب تلك الشُّبهة ممتنعين عن المباشرة، فبيَّن الله تعالى ذلك، وأزال الشُّبهة بقوله :« : فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ ».
وعن السادس : بأنَّ في الآية الكريمة ما يدلُّ على ضعف هذه الرِّواية؛ لأن الرواية أنَّ القوم اعترفوا بما فعلوا عند الرسول - عليه الصَّلاة والسَّلام - وذلك خلاف قوله تعالى :﴿ عَلِمَ الله أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتانُونَ أَنْفُسَكُمْ ﴾ ؛ لأنَّ ظاهره المباشرة، لأنَّه افتعالٌ من الخيانة.
وقوله :« كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ » في محلِّ رفعٍ خبرٌ ل « أَنَّ ». و « تَخْتَانُونَ » في محلِّ نصبٍ خبرٌ ل « كَانَ ».
قال أبو البقاء : و « كُنْتُمْ » هنا لفظها لفظ الماضي، ومعناها أيضاً، والمعنى : أنَّ الاخْتِيَانَ كان يقع منهم، فتاب عليهم منه، وقيل : إنَّهُ أرَاد الاختيان في الاستقبال، وذكر « كَانَ » ليحكي بها الحال؛ كما تقول : إن فعلت، كنت ظالماً « وفي هذا نظرٌ لا يخفى.
و » تَخْتَانُونَ « تَفْتَعِلُونَ من الخيانة، وعينُ الخيانة واوٌ؛ لقولهم : خَانَ يَخُونُ، وفي الجمع : خَوَنَة، يقال : خَانَ يَخُونُ خَوْناً، وخِيَانَةَ، وهي ضدُّ الأمانة، وتَخَوَّنْتُ الشَّيْءَ تَنَقَّصْتُهُ؛ قال زُهَيْر في ذلك البيت :[ الوافر ]
وخَانَ السَّيفُ إذا نَبَا عن الضَّرْبَةِ، وخَانَهُ الدَّهْرُ، إذا تغيَّر حاله إلى الشَّرِّ، وخَانَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ، إذا لَمْ يُؤَدِّ الأمانَةَ، ونَاقِضُ العَهْدِ خائِنٌ، إذا لم يف، ومنه قوله تعالى :﴿ وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوْمٍ خِيَانَةً ﴾ [ الأنفال : ٥٨ ] والمدين خائنٌ؛ لأنَّه لم يف بما يليقُ بدينه؛ ومنه قوله تعالى :﴿ لاَ تَخُونُواْ الله والرسول وتخونوا أَمَانَاتِكُمْ ﴾ [ الأنفال : ٢٧ ] وقال تعالى :﴿ وَإِن يُرِيدُواْ خِيَانَتَكَ فَقَدْ خَانُواْ الله مِن قَبْلُ ﴾ [ الأنفال : ٧١ ] فسُمِّيت المعصية بالخيانة.٩٥٦ - بِآرِزَةِ الفَقَارَةِ لَمْ يَخُنْهَا قِطَافٌ في الرِّكَابِ وَلاَ خِلاَءُ
وقال الزمخشريُّ :» والخْتِيَانُ : من الخيانة؛ كالاكْتِسَاب من الكَسْبِ، فيه زيادةٌ وشِدَّة « ؛ يعني من حيث إنَّ الزيادة في اللفظ تُنْبِىءُ عن زيادةٍ في المعنى، كما قدَمَهُ في قوله تعالى :﴿ الرحمن الرَّحِيمِ ﴾ وقيل هنا : تختانُونَ أَنْفُسَكُمْ، أي : تتعهَّدُونها بإتيان النِّسَاء، وهذا يكون بمعنى التَّخْويل، يقال : تَخَوَّنَهُ وتَخَوَّلَهُ بالنون واللامِ، بمعنى تَعَهَّدَهُ، إلا أنَّ النون بدلٌ من اللاَّم؛ لأنه باللام أِهر.
و » عَلِمَ « إن كانت المتعدية لواحدٍ، تَكُونُ بمعنى عَرَفَ، فتكونُ » أَنَّ « وما في حيِّزها سادَّةً مَسَدَّ مفعولٍ واحدٍ، وإن كطانت المتعدية لاثنين، كانت سادةً مَسَدَّ المفعولين على رأي سيبويه - رحمه الله - ومَسَدَّ أحدهما، والآخر محذوفٌ على مذهب الأخفش.
وقوله :﴿ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ ﴾ لا محلَّ له من الإعراب؛ لأنه بيانٌ للإحلال، فهو استئنافٌ وتفسيرٌ.
يعني إذا حصلت بينكم وبينهنَّ مثل هذه المخالطة والملابسة، قلَّ صبركم عنهنَّ، وضعف عليكم اجتنابهنَّح فلذلك رخَّص لكم في مباشرتهنَّ.