« مَنْ حَجَّ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ خَرَجَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَيَومِ وَلَدَتْهُ أُمّهُ »، وهنا قول عليٍّ وابن مسعود.
فصل
وقرأ الجمهور « فَلاَ إِثْمَ » بقطع الهمزة على الأصل، وقرأ سالم بن عبد الله :« فَلاَ اثْمَ » بوصلها وحذلف ألف لا، ووجهه أنه خفَّف الهمزة بين بين فقربت من الساكن، فحذفها؛ تشبيهاً بالألف، فالتقى ساكنان : ألف « لاَ » وثاء « إِثْم »، فحذفت ألف « لاَ »، لالتقاء الساكنين، وقال أبو البقاء - رحمه الله تعالى - :« ووجهُها أنَّه لمَّا خَلَطَ الاسْمَ ب » لاَ « حَذَفَ الهمزة؛ تشبيهاً بالألف » يعني أنه لمَّا ركِّبت « لاَ » ن مع اسمها، صارا كالشيء الواحد، والهمزة شبيهة الألف، فكأنه اجتمع ألفان، فحذفت الثانية لذلك، ثم حذفت الألف لسكونها وسكون الثَّاء.
فصل
قال القرطبي : روى الثِّقات؛ أن النَّبيّ ﷺ أمر أمَّ سلمة أن تصبح بمكَّة يوم النَّحر، وكان يؤمُّها، وهذا يدلُّ على أنّها رمت الجمرة بمنًى قبل الفجر؛ لأن هذا لا يكون إلاّ وقد رمت الجمرة بمنى ليلاً قبل الفجر.
وروى أبو داود عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة؛ أنّها قالت :« أرسل رسول الله ﷺ بأمِّ سلمة ليلة يوم النَّحر، فرمت الجمرة قبل الفجر، ثم مضت فأفاضت، وكان ذلك اليوم الذي يكون رسول الله ﷺ عندها ». فإذا ثبت ذلك فالرَّمي باللَّيل جائز لمن فعله، والاختيار من طلوع الشَّمس إلى زوالها، وأجمعوا على أن من رماها قبل غروب الشَّمس من يوم النَّحر، فقد أجزأ ولا شيء عليه، إلا مالكاً؛ فإنه قال : يستحب له أن يهرقَ دماً.
واختلفوا فيمن لم يرمها حتى غابت الشَّمس، ورماها من اللَّيل أو من الغد، هل يلزمه دم أم لا؟
فصل
المبيت بمنى ليلالي منى واجبٌ؛ لرمي الجمار في كلِّ يوم بعد الزَّوال إحدى وعشرين حصاةً، عند كل جمرة سبع حصيات، ويرخَّص في ترك المبيت لرعاء الإبل وأهل سقاية الحاجِّ، ثم من رمى اليوم الثاني من أيام التَّشريق، وأراد أن ينفر ويدع المبيت في اللَّيلة الثَّالية، ورمى يومها، فله ذلك؛ بشرط أن ينفر قبل غروب الشمس، فإن غربت الشمس وهو بمنى، لزمه المبيت بها والرَّمي من غد، هذا مذهب الشَّافعي وأحمدن وهو قول أكثر التَّابعين.