و « الطائف » اسم فاعل من :« طاف يطوف »، ويقال : أطاف رباعياً، قال :[ الطويل ]
٧٨٠ أطَافَتْ بِهِ جَيْلاَنُ عِنْدَ قِطَاعِهِ | ...................... |
فصل في معنى تطهير البيت
يجب أن يراد به تطهير البيت من كل أمر لا يليق به، لأنه موضع الصَّلاة فيجب تطهيره من الشرك، ومن كل ما لا يليق به، وذكر المفسّرون وجوهاً :
أحدها : أن معنى « طَهِّرَا بَيْتِيَ » ابنياه وطَهّراه من الشرك، وأسِّسَاه على التقوى.
وثانيهما : عرّفا الناس أن بيتي طهرة لهم متى حجّوه، وزاره وأقاموا به.
ومجازه : اجعلاه طاهراً عندهم، كما يقال : فلان يطهر هذا، وفلان ينجسه.
وثالثها : ابنياه، ولا تدعا أحداً من أهل الريب أو الشرك يزاحم الطَّائفين فيه، بل اقرَّاه على طهارته من أهل الكفر والريب كما يقال : طهر الله الأرض من فلان، وهذه التأويلات مبنيّة على أنه لم يكن هناك ما يوجب إيقاع تَطْهيره من الأَوثَان والشرك، وهو كقوله تعالى :﴿ وَلَهُمْ فِيهَآ أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ ﴾ [ البقرة : ٢٥ ] فمعلوم أنهنّ لم يطهرن عن نجس، بل خلقن طاهرات، وكذا البيت المأمور بتطهيره خلق طاهراً.
ورابعها : معناه : أن نظّفا بيتي من الأوثان والشرك والمعاصي، ليقتدي الناس بكما في ذلك.
وخامسها : قال بعضهم : إن موضع البيت قبل البناء كان يلقى فيه الجِيف والأقذار، فأمر الله تعالى إبراهيم عليه الصَّلاة والسَّلام بإزالة تلك القَاذُورَات وبناء البيت هناك، وهذا ضعيف؛ لأن قيل البناء ما كان البيت موجوداً، فتطهير تلك العَرْصَة لا يكون تطهيراً للبيت، ويمكن أن يجاب عنه بأنه سماه بيتاً، لأنه علم أن مآله إلى أن يصير بيتاً لكنه مجاز.
قوله تعالى :﴿ لِلطَّائِفِينَ والعاكفين والركع السجود ﴾.
الطائفين : الدَّائرين حوله والعاكفين المقيمين الملازمين.
والرّكع «، وجمع » راكع «.
والعكوف لغة : اللزوم واللبثح قال :[ الوافر ]
٧٨١..................... | عَلَيْهِ الطَّيْرُ تَرْقُبُهُ عُكُوفَا |
٧٨٢ عَكْفَ النَّبِيطِ يَلْعَبُونَ الفَنْزَجَا... ويقال : عَكَفَ يَعْكُفُ وَيَعْكِفُ، بالفتح في الماضي، والضم والكسر في المضارع، وقد قرىء بهما.
و » السُّجُود « يجوز فيه وجهان :
أحدهما : أنه جمع ساجد نحو : قاعد وقعود، وراقد ورقود، وهو مناسب لما قبله.
والثاني : أنه مصدر نحو : الدخول والقعود، فعلى هذا لابد من حذف مضاف أي : ذوي السّجود ذكره أبو البقاء.
وعطف أحد الوصفين على الآخر في قوله :» الطَّائِفِينَ والعَاكِفِينَ « لتبايُنِ ما بينهما، ولم يعطف إحدى الصّفتين على الأخرى في قوله :» الرُّكَّعِ السُّجُودِ «، لأن المراد بهما شيء واحد وهو الصلاة إذ لو عطف لتوهم أن كل واحد منهما عبادة على حِيَالِهَا، وجمع صفتين جمع سلامة، وأخْريَيْن جمع تكسير لأجل المقابلة، وهو نوع من الفَصَاحة، وأخر صيغة » فعُول « على » فُعّل « ؛ لأنها فاصلة.