« وَأَتْبَعَهُ بِسِتٍّ مِنْ شَوَّالٍ »، وقال الشاعر :[ الطويل ]

١١٣٤- وَإِلاَّ فَسِيرِي مِثْلَ مَا سَارَ رَاكِبٌ تَيَمَّمَ خَمْساً لَيْسَ فِي سَيْرِهِ أَمَمْ
نصَّ النحويون على ذلك.
قال أبو حيَّان :« فَلا يُحْتَاجُ إلى تأويلها بالليالي ولا بالمدد؛ كما قدَّره الزَّمخشريُّ والمُبَرِّد على هذا »، قال :« وإذا تقرر هذا، فجاء قوله :» وَعَشْراً « على أحد الجازئين، وإنما حسن حذف التاء هنا؛ لأنه مقطع كلام، فهو شبيهُ بالفواصل؛ كما حسَّن قوله :﴿ إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ عَشْراً ﴾ [ طه : ١٠٣ ] كونه فاصلةً، فقوله :» ولو ذَكَّرْتَ لَخَرجْتَ من كَلاَمِهِمْ « ليس كما ذكر، بل هو الأفصح، وفائدة ذكره » إِنْ لَبِثْتُمْ إِلاَّ يَوْماً « بعد قوله » إِلاَّ عَشْراً « أنه على زعمه أراد الليالي، والأيام داخلةٌ معها، فقوله :» إِلاَّ يَوْماً « دليلٌ على إرادةِ الأيَّام ». قال أبو حيان :« وهذا عندنا يدلُّ على أنَّ المراد بالعشر الأيَّام؛ لأنهم اختلفوا في مدَّة اللَّبث، فقال بعضهم :» عَشْراً « وقال بعضهم :» يَوْماً « فدلَّ على أنَّ المقابل باليوم إنما هو أيام؛ إذ لا يحسن في المقابلة أن يقول بعضهم : عَشْرُ لَيَالٍ، فيقول البعضُ : يَوْمٌ ».
الرابع : أنَّ هذه الأيَّام [ أيَّام حزن ومكروه، ومثل هذه الأيَّام ] تسمَّى بالليالي على سبيل الاستعارة؛ كقولهم :« خَرَجْنَا لَيَالِيَ الفِتْنَةِ، وجئنا لياليَ إِمَارَة الحَجَّاج ».
الخامس : أنَّ المراد بها الليالي، وإليه ذهب الأوزاعيُّ وأبو بكر الأصمُّ، وبعض الفقهاء قالوا : إذا انقضى لها أربعة أشهرٍ وعشر ليالٍ، حلَّت للأزواج.

فصل


لما ذكر الله تعالى عدَّة الطلاق، واتصل بذكرها ذكر الرَّضاع، ذكر عدَّة الوفاة أيضاً؛ لئلاَّ يتوهَّم أن عدة الوفاة مثل عدَّة الطلاق.

فصل فيمن تستثنى من هذه العدَّة


هذه العدَّة واجبةٌ على كلِّ امرأةٍ مات عنها زوجها، إلاَّ في صورتين :
الأولى : أن تكون أمَةً، فإنَّها تعتدُّ عند أكثر الفقهاء نصف عدة الحرَّة.
وقال أبو بكر الأصمُّ : عدتها عدَّة الحرَّة؛ لظاهر هذه الآية، ولأن الله تعالى جعل وضع الحمل في حقِّ الحامل بدلاً عن هذه المُدَّة؛ فوجب أن يشتركا فيه.
وأجاب الفقهاء بأنَّ التنصيف في هذه المدة ممكنٌ، وفي وضع الحمل غير ممكن، فظهر الفرق.
الصُّورة الثانية : أن تكون حاملاً، فعدَّتها بوضع الحمل، ولو كان بعد وفاة الزَّوج بلحظة.
وعن عليٍّ - رضي الله عنه - : أن تتربّصن بأبعد الأجلين.
واستدلَّ الجمهور بقوله تعالى :﴿ وَأُوْلاَتُ الأحمال أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ﴾ [ الطلاق : ٤ ].
فإن قيل : هذه الآية إنما وردت عقيب ذر المطلَّقات؛ [ فيكون للمطلَّقات ] لا للمتوفَّى عنها زوجها.
فالجواب : أنَّ دلالة الاقتران ضعيفةٌ، والاعتبار إنَّما هو بعموم اللفظ.


الصفحة التالية
Icon