وقال الأكثرون : ابتداؤها من حيث الموت؛ لأنَّه سببها، فلو انقضت المدَّة أو أكثرها، ثم بلغها خبر الوفاة، اعتدَّت بما انقضى من المدَّة، ويدلُّ على ذلك أنَّ الصَّغيرة الَّتي لا علم لها يكفي في انقضاء عدَّتها مضيُّ هذه المدة.

فصل في وجوب نفقة الحامل


قال القرطبيُّ : أجمع العلماء على أنَّ نفقة المطلَّقة إذا كانت حاملاً واجبة؛ لقوله تعالى :﴿ وَإِن كُنَّ أُوْلاَتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُواْ عَلَيْهِنَّ حتى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ﴾ [ الطلاق : ٦ ]، واختلفوا في وجوب نفقة الحامل المتوفّى عنها زوجها، فقال ابن عبّاس، وسعيد بن المسيَّب، وعطاء، والحسن، وعكرمة، ويحيى الأنصاريُّ، وربيعة، ومالك، وأحمد، وإسحاق : ليس لها نفقةٌ، وحكاه أبو عبيد عن أصحاب الرأي.
وروي عن عليّ، وعبدالله : أنَّ لها النفقة من جميع المال، وبه قال ابن عمر، وشريحٌ، وابن سيرين، والشَّعبيُّ، وأبو العالية، والنَّخعيُّ، وحماد بن أبي سلمان، وأيُّوب السَّختيانيُّ وسفيان الثوريُّ، وأبو عبيدٍ.

فصل


روي عن أبي العالية وسعيد بن المسيَّب؛ أن الله تعالى حدَّ العدة بهذا القدر؛ لأنَّ الولد ينفخ فيه الرُّوح في العشر بعد الأربعة، وهو منقولٌ عن الحسن البصريِّ.

فصل


احتجَّ من قال إنَّ الكفَّار ليسوا مخاطبين بفروع الإسلام؛ بقوله تعالى :﴿ والذين يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ ﴾ قالوا : هذا خطابٌ مع المؤمنين، فاختصَّ بهم، وجوابه أنَّ المؤمنين، لمَّا كانوا هم العالمين بذلك، خصَّهم بالذِّكر؛ كقوله :﴿ إِنَّمَآ أَنتَ مُنذِرُ مَن يَخْشَاهَا ﴾ [ النازعات : ٤٥ ] مع أنَّه كان منذراً للكلِّ؛ لقوله تعالى :﴿ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً ﴾ [ الفرقان : ١ ].
قوله :﴿ فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ ﴾ أي : مِن اختيار الأَزواج دون العقد، فإن العقد إلى الوَلِيِّ.
وقيل : فيما فَعَلْنَ من التَّزَيُّن للرجالِ زينةً لا يشكرها الشَّرْع.

فصل في وجوب الإحداد في عدَّة الوفاةِ


يجب عليها الإحدادُ في عدَّة الوفاة، وهو الامتناع من الزِّينة والطّ ] ب، فلا يجُوز لها تدهينُ رأسها بأيِّ دُهْن كان، سواء كان فيه طِيبٌ أو [ لم يكن ]، [ ولها تدهِينُ جسدها بدُهن لا طيب فيه، فإن كان فيه طيبٌ، فلا يجوز ]، ولا يجُوزُ لها أن تكتحل بكُحلٍ فيه طيبٌ وفيه زينةٌ، كالكُحْل الأسود، ولا بأس بالكُحل الفارسيِّ الذي لا زينة فيه، فإن اضطرت إلى كُحل فيه زينةٌ فرخص فيه كثيرٌ من أهْل العلم منهم سالم بنُ عبد الله، وسليمان بنُ يسارٍ، وعطاءٌ والنخعيُّ، وبه قال مالكٌ وأصحاب الراي.
وقال الشَّافعيُّ : تكتحلُ به ليلاً وتمسحهُ نهاراً.
قالت أمُّ سلمة : دخل عليَّ رسول الله - ﷺ - حين تُوُفِّي أبو سلمة، وقد جعلت عليَّ صبراً، فقال : إنَّه يَشُبُّ الوجه، فلا تجعليه إلاَّ باللَّيل وتنزعيه بالنَّهار.
ولا يجوز لها الخضابُ، ولا لُبسُ الوشي والدِّيباج والحُليِّ، ويجوزُ لها لُبْس البيض من الثِّياب، ولُبْسُ الصوف والوبر، ولا تلبسُ الثَّوب المصبوغ؛ كالأَحمر، والأصفر، والأَخضر النَّاضر، ويجوزُ ما صُبغ لغير زينةٍ؛ كالسَّواد والكُحْليِّ.
وقال سفيان : لا تلْبَسُ المصبُوغ بحالٍ.


الصفحة التالية
Icon