وظاهر هذا : أنه قرأ بفتح الدال والراء، فيكون « قَدَرَهُ » فعلاً ماضياً، وجعل فيه ضميراً فاعلاً يعود على الله تعالى، والضمير المنصوب يعود على المصدر المفهوم من « مَتِّعُوهُنَّ »، والمعنى : أنَّ الله قدر وكتب الإمتاع على الموسع وعلى المقتر.
قوله :« مَتَاعاً » في نصبه وجهان :
أحدهما : أنه منصوبٌ على المصدر، وتحريره أنه اسم مصدرٍ؛ لأنَّ المصدر الجاري على صدره إنَّما هو التمتيع، فهو من باب :﴿ أَنبَتَكُمْ مِّنَ الأرض نَبَاتاً ﴾ [ نوح : ١٧ ]. وقال أبو حيَّان : قالوا : انتصَبَ على المصدرِ؛ وتحريرُهُ : أن المتاع هو ما يمتع به، فهو اسمٌ له، ثم أطلق على المصدر؛ على سبيل المجاز، والعامل فيه :« وَمَتِّعُوهُنَّ » قال شهاب الدين : وفيه نظرٌ؛ لأنَّ المعهود أن يطلق المصدر على أسماء الأعيان؛ كضربٍ بمعنى مضروبٍ، وأمَّا إطلاق الأعيان على المصدر، فلا يجوز، وإن كان بعضهم جوَّزه على قلَّةٍ؛ نحو قولهم :« تِرْباً وَجَنْدَلاً » و « أَقَائِماً، وَقَدْ قَعَدَ النَّاسُ »، والصحيح أن « تِرْباً » ونحوه مفعولٌ به، و « قائماً نصبٌ على الحال.
[ والثاني من وجهي » مَتَاعاً « أن ينتصب على الحال ]، والعامل فيه ما تضمَّنه الجارُّ والمجرور من معنى الفعل، وصاحب الحال ذلك الضمير المستكنُّ في ذلك العامل، والتقدير : قدر الموسع يستقرُّ عليه في حال كونه متاعاً.
قوله :» بالمعروف « فيه وجهان :
أحدهما : أن يتعلَّق ب » مَتِّعُوهُنَّ «، فتكون الباء للتعدية.
والثاني : أن يتعلَّق بمحذوفٍ على أنه صفةٌ ل » مَتَاعاً « ؛ فيكون في محلِّ نصبٍ، والباء للمصاحبة، أي : متاعاً ملتبساً بالمعروف.
قوله :» حَقّاً « في نصبه أربعة أوجه :
أحدها : أنه مصدرٌ مؤكِّدٌ لمعنى الجملة قبله؛ كقولك :» هَذَا ابْنِي حَقّاً « وهذا المصدر يجب إضمار عامله، تقديره : حَقَّ ذلك حقّاً، ولا يجوز تقديم هذا المصدر على الجملة قبله.
والثاني : أن يكون صفةً ل » مَتَاعاً «، أي : متاعاً واجباً على المحسنين.
والثالث : أنه حالٌ ممَّا كان حالاً منه » مَتَاعاً « وهذا على رأي من يجيز تعدُّد الحال.
والرابع : أن يكون حالاً من » المَعْرُوفِ «، أي : بالذي عرف في حال وجوبه على المحسنين، و » عَلَى المُحْسِنِينَ « يجوز أن يتعلَّق ب » حَقًّا « ؛ الواجب، وأن يتعلَّق بمحذوفٍ؛ لأنه صفةٌ له.
فصل
اعلم أن المطلقات أربعة أقسام :
القسم الأول : وهو ألاَّ يؤخذ منهم على الفراق شيءٌ ظلماً، وأخبر أن لهن كمال المهر، وعليهن العدَّة.
القسم الثاني : المطلقة قبل الدُّخول، وقد فرض لها - وهي المذكورة في الآية التي بعد هذه - وبيَّن أنَّ لها نصف المفروض لها، وبيّن في سورة الأحزاب أنَّ لا عدَّة على غير المدخول بها؛ فقال :