« الرِّبَا » في اللُّغة : عبارةٌ عن الزِّيادة؛ يقال ربا الشيء يربو ربواً، ومنه قوله ﴿ اهتزت وَرَبَتْ ﴾ [ الحج : ٥ ]، أي زادت، وأربى الرَّجل : إذا عامل في الربا، ومنه الحديث « مَنْ أَجْبَى فَقَدْ أَرْبَى »، أي : عامل بالرِّبا، والإجباء : بيع الزرع قبل أن يبدو صلاحه.
والمادة تدلُّ على الزيادة والارتفاع، ومنه الرَّبوة. وقال حاتم الطائيُّ يصف رمحاً :[ الطويل ]
١٢٥٢- وَأَسْمَرَ خَطِّيًّا كَأَنَّ كُعُوبَهُ | نَوَى القَسْبِ قَدْ أَرْبَى ذِرَاعاً عَلَى العُشْرِ |
وقيل : إنما بالواو؛ لأنَّ أهل الحجاز تعلَّموا الخطَّ من أهل الحيرة، وأهل الحيرة يقولون :« الرِّبَوا » بالواو، فكتبوها كذلك، ونقلها أهل الحجاز كذلك؛ خطّاً لا لفظاً.
قرأ العدويُّ :« الرِّبَو » كذلك بواوٍ خالصةٍ بعد فتحة الباء. فقيل : هذا القارئ أَجرى الوصل مجرى الوقف، وذلك أنَّ من العرب من يقلب ألف المقصور واواً؛ فيقول : هذه أفعو، وهذا من ذاك، إلاَّ أنه أجْرَى الوصل مُجْرى الوقف.
وقد حكى أبو زيدٍ ما هو أغرب من ذلك، فقال :« قرأ بعضهم بكسر الراء، وضمِّ الباء، و واو بعدها »، ونسب هذه للغلط؛ وذلك لأنَّ العرب لا يبقى واواً بعد ضمة في الأسماء المعربة، بل إذا وجد ذلك، لم يقرَّ على حاله، بل تقلب الضَّمَّة كسرةً، والواو ياءٌ، نحو : دلوٍ وأدلٍ، وجروٍ؛ وأنشد أبو عليّ :[ البسيط ]
١٢٥٣- لَيْثٌ هِزَبْرٌ مُدِلٌّ عِنْدَ خِيسَتِهِ | بِالرَّقْمَتَيْنِ لَهُ أَجْرٍ وأَعْرَاسُ |
ويقال : رِبا ورِما، بإبدال بائه ميماً؛ كما قالوا : كثم في كثب. والألف واللام في « الرِّبا » : يجوز أن تكون للعهد، إذ المراد الرِّبا الشرعيُّ، ويجوز أن تكون لتعريف الجنس.
فصل في وجه تعلق هذه الآية بالتي قبلها
اعلم أنَّ بين الصدقة، والرِّبا مناسبةٌ من جهة التضادِّ؛ لأن الصدقة عبارةٌ عن تنقيص المال بسبب أمر الله تبارك وتعالى بذلك؛ والرِّبا عبارةٌ عن طلب الزيادة على المال مع نهي الله - سبحانه وتعالى - عنه، فكانا كالمتضادَّين، ولهذا قال تعالى :