المفهوم الرابع : أن تكون زائدة؛ وأنشدوا :[ الوافر ]

١٢٧٢- سَرَاةُ بَنِي أبي بَكْرٍ تَسَامَى عَلَى كَانَ المُسَوَّمَةِ الجِيَادِ
و « العُسْرَةِ » اسم من الإعسار، ومن العسر، وهو تعذُّر الموجود من المال؛ يقال : أعسر الرجل، إذا صار إلى حالة العسرة، وهي الحالة التي يتعسَّر فيها وجود المال.
قوله :﴿ فَنَظِرَةٌ ﴾ الفاء جواب الشرط، و « نَظِرَةٌ » خبر مبتدأ محذوف، أي : فالأمر أو فالواجب، أو مبتدأٌ خبرُه محذوفٌ، أي : فعليكم نظرةٌ.
وقرأ العامَّة :« نَظِرَةٌ » بزنة « نَبَقَة ». وقرأ الحسن، ومجاهدٌ، وأبو رجاء :« فَنَظِرةٌ » بتسكين العين، وهي لغةٌ تميمةٌ يقولون :« كَبْد » في « كَبِد » و « كَتْف » في « كَتِف ».
وقرأ عطاء « فَنَاظِرَةٌ » على فاعلة، وقد خرَّجها أبو إسحاق على أنها مصدر نحو :﴿ لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ ﴾ [ الواقعة : ٢ ] ﴿ يَعْلَمُ خَآئِنَةَ الأعين ﴾ [ غافر : ١٩ ] ﴿ أَن يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ ﴾ [ القيامة : ٢٥ ]. وقال الزمخشري :« فناظِرُهُ، أي : فصاحب الحقّ ناظره، أي : منتظره، أو صاحب نظرته على طريقة النسب؛ كقولهم : مَكَانٌ عَاشِبٌ، وبَاقِلٌ؛ بمعنى ذو عشبٍ، وذو بقلٍ، وعنه :» فناظِرْهُ « على الأمر بمعنى : فسامحه بالنظرة، وباشره بها » فنقله عنه القراءة الأولى يقتضي أن تكون قراءته « ناظِر » اسم فاعل مضافاً لضمير ذي العسرة، بخلاف القراءة التي قدمها عن عطاء، فإنها « نَاظِرَةٌ » بتاء التأنيث، ولذلك خرَّجها الزَّجَّاج على المصدر. وقرأ عبد الله :« فناظِرُوه » أمراً للجماعة بالنظرة، فهذه ستُّ قراءات مشهورها واحدةٌ.
وهذه الجملة لفظها خبرٌ، ومعناها الأمر؛ كقوله تعالى :﴿ والوالدات يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ ﴾ [ البقرة : ٢٣٣ ] وقد تقدَّم. والنظرة : من الانتظار، وهو الصبر والإمهال.
تقول : بعته الشيء بنظرة، وبإنظار. قال :﴿ قَالَ أَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ قَالَ إِنَّكَ مِنَ المُنظَرِينَ ﴾ [ الأعراف : ١٤-١٥ ] ﴿ إلى يَوْمِ الوقت المعلوم ﴾ [ الحجر : ٣٨ ].
قوله :﴿ إلى مَيْسَرَةٍ ﴾ قرأ نافع وحده :« مَيْسَرَة » بضمِّ السِّين، والباقون بفتحها. والفتح هو المشهور؛ إذ مفعل، ومفعلة بالفتح كثيرٌ، ومفعُلٌ بالضم، معدومٌ؛ إلا عند الكسائي، فإنه أورد منه ألفاظاً، وأمَّا مفعلةٌ، فقالوا : قليلٌ جدّاً وهي لغة الحجاز، وقد جاءت منها ألفاظٌ، نحو : المسرُقة، والمقبرة، والمشربة، والمسربة، والمقدرة، والمأدبة، والمفخرة، والمزرعة، ومعربة، ومكرمة، ومألكة.
وقد ردَّ النحاس الضمَّ؛ تجرؤاً منه، وقال :« لم تَأْتِ مَفْعُلَةٌ إِلاَّ في حُرُوفٍ معدودةٍ ليس هذه منها، وأيضاً فإنَّ الهاء زائدةٌ، ولم يَأْتِ في كلامِهِم مَفْعُل أَلْبتةَ » انتهى.
وقال سيبويه :« لَيْسَ في الكَلاَمِ مَفْعُل » قال أبو عليّ :« يَعْنِي في الآحاد ». وقد حكى سيبويه « مَهْلك » مثلَّث اللاَّم، وقال الكسائيُّ :« مَفْعُل » في الآحاد، وأورد منه مكرُماً في قول الشاعر :[ الرجز ]


الصفحة التالية
Icon