قوله :﴿ وَأَن تَصَدَّقُواْ ﴾ مبتدأ وخبره « خير » وقرأ عاصم : بتخفيف الصاد، والباقون : بتثقيلها. وأصل القراءتين واحدٌ؛ إذ الأصل : تتصدَّقوا، فحذف عاصمٌ إحدى التاءين : إمَّا الأولى، وإمَّا الثانية، وتقدَّم تحقيق الخلاف فيه، وغيره أدغم التاء في الصاد، وبهذا الأصل قرأ عبد الله :« تَتَصَدَّقوا ». وحذف مفعول التصدُّق للعلم به، أي : بالإنظار؛ لقوله - ﷺ - :« لاَ يَحِلُّ دَيْنُ رَجلٍ مُسْلم، فيؤخره؛ إلاَّ كان له بِكُلِّ يَوْمٍ صدقةٌ » وهذا ضعيفٌ؛ لأن الإنظار ثبت وجوبه بالآية، فلا بد من حمل هذه الآية على فائدةٍ جديدةٍ، ولأن قوله « خَيْرٌ لكُمْ » إنما يليق بالمندوب، لا بالواجب. وقيل : برأس المال على الغريم، إذ لا يصحُّ التصدق به على غيره؛ كقوله تعالى :﴿ وَأَن تعفوا أَقْرَبُ للتقوى ﴾ [ البقرة : ٢٣٧ ].
قوله :﴿ إِن كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ جوابه محذوفٌ، و « اَنْ تَصَدَّقُوا » بتأويل مصدرٍ مبتدأ، و « خيرٌ لكم » خبره.
فصل في تقدير مفعول « تعلمون » ونصب « يوماً »
وتقدير مفعول « تَعْلَمُونَ » فيه وجوه :
أحدها : إن كنتم تعلمون أنَّ هذا التصدُّق خير لكم إن عملتموه.
الثاني : إن كنتم تعلمون فضل التصدُّق على الإنظار والقبض.
الثالث : إن كنتم تعلمون أنَّ ما يأمركم به ربُّكم أصلح لكم.