﴿ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ﴾ [ آل عمران : ٢١ ] وقوله :﴿ ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ العزيز الكريم ﴾ [ الدخان : ٤٩ ]، فيكون من باب التهكمِ، ويجوز أن يكون المراد أنهم كانوا يتوقعون من أوثانهم أنها تشفع لهم عند الله تعالى.
وذكر الواحديُّ في البسيط - أنه يجوز أن يُحْمَل هذا على ميعاد الأولياء، دون وعيد الأعداء؛ لأن خُلْفَ الوعيد كرم عند العرب؛ لأنهم يمدحون بذلك، قال :[ الطويل ]
١٣٤٣ - إذَا وَعَدَ السَّرَّاءَ أنَجْزَ وَعْدَهُ | وَإنْ أوْعَدَ الضَّرَّاءَ فَالْعَفْوُ مَانِعُه |
١٣٤٤ - وَإنِّيَ إن أوْعَدْتُهُ أوْ وَعَدْتُهُ | لَمُكْذِبُ إيعَادِي وَمُنْجِزُ مَوْعِدِي |
قال ابن الخطبيبِ :« وكان لأبي عمرو بن العلاء أن يجيب عن هذا السؤال فيقول : إنك قِسْت الوعيد على الوعد، وأنا إنما ذكرت هذا لبيان الفرق بين البابين؛ وذلك لأن الوعدَ حق عليه، والوعيد حق له، ومن أسقط حق نفسه فقد أتى بالجود والكرم، ومن أسقط حق غيره، فذلك هو اللؤم، فظهر الفرق.
وأما قولك : لو لم يفعلْ لصار كاذباً، أو مكذب نفسه.
فالجوابُ : أن هذا إنما يلزم لو كان الوعيدُ ثابتاً جزماً من غير شرط، وعندي أن الوعيد مشروط بعدم العفو فلا يلزم من تركه دخول الكذب في كلام الله تعالى ».