قوله :﴿ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا ﴾ قد تقدم أنه يجوز أن يكون خَبراً عن « الَّذِينَ » إن قيل : إنه مبتدأ، فإن لم يكن مبتدأ فقد تقدم أيضاً أنه يكون تفسيراً للدأب، كأنه قيل : ما فعلوا، وما فعل بهم؟ فقيل : كذبوا بآياتِنا، فهو جوابُ سؤال مقدر، وأن يكون حالاً، وفي قوله :﴿ بِآيَاتِنَا ﴾ التفات؛ لأن قبله ﴿ مِّنَ الله ﴾ وهو اسم ظاهر.
والمراد بالآيات : المعجزات، والباء في « بِذُنُوبِهِمْ » يَجوز أن تكون سببيةً، أي : أخذهم بسبب ما اجترحوا، وأن تكون للحالِ، أي أخذهم متلبسين بالذنوب، غير تائبين منها والذنب في الأصل - التِّلْو والتابع، وسُمِّيَت الجريمةُ ذَنْباً؛ لأنها يتلو، أي : يتبع عقابُها فاعلمه والذَّنُوب : الدَّلْو؛ لأنها تتلو الحبلَ في الجذبِ، وأصل ذلك من ذَنَب الحيوان؛ لأن يذنبه أي : يتلوه، يقال : ذنبه يذنبه ذنباً، أي : تبعه، واستعمل في الأخذ؛ لأن مَنْ بينَ يده العقاب كالمأخوذ المأسور الذي لا يَقْدر على التخلُّص. قوله ﴿ شَدِيدُ العقاب ﴾ كقوله :﴿ سَرِيعُ الحساب ﴾ [ البقرة : ٢٠٢ ]، أي : شديدٌ عِقَابه وقد تقدم تحقيقه.