وقيل : ثمانون ألفاً وقيل : هو جملة كثيرة مجهولة من المال نقله ابن الأثير.
قوله :﴿ مِنَ الذَّهَبِ ﴾ كقوله :﴿ مِنَ النِّسَاءِ ﴾، [ والذَّهَب ] مؤنث، ولذلك يُصَغَّر على ذهيبة، ويُجْمَع على أذهاب وذُهوب، واشتقاقه من الذهاب، ويقال : رجل ذَهِب بكسر الهاء - رأى معدن الذهب فدُهِش و [ « الفضة » تجمع على فضض، واشتقاقها من انفض إذا تفرق ].
قال القرطبيُّ : والذهب مكيالٌ لأهل اليَمَن، قال : واشتقاق الذهب والفضة، يشعر بزوالهما وعدم ثبوتهما كما هو مشاهد ف ي الوجود، ومن أحسن ما قيل في ذلك قول بعضهم :[ البسيط ]

١٣٦٠ - النَّارُ آخِرُ دِينَارٍ نَطَقْتَ بِهِ وَالهَمُّ آخِرُ هَذَا الدِّرْهَمِ الجَارِي
وَالمَرْءُ بَيْنَهُمَا إذْ كَانَ ذَا وَرَعٍ مُعَذَّبُ القَلْبِ بَيْنَ الهَمِّ وَالنَّارِ
والذهب والفضة : إنما كانا محبوبَيْن لأنهما جُعِلا ثَمَن جميع الأشياء، فمالكها كالمالك لجميع الأشياء.
قوله :« وَالْخَيْلِ » عطف على النساء، قال أبو البقاء :[ معطوف على النساء ]، لا على الذهب والفضة، لأنها لا تسمى قنطاراً وتوهم مثل هذا بعيد جداً، والخيل فيه قولان :
أحدهما : قال الواحديُّ :« إنه جمع لا واحد له من لفظه، كالقَوْم، والنساء والرهط ».
الثاني : أن واحده خائل، فهو نظير راكب وركب، وتاجر وتجر، وطائر وطير.
وفي هذا خلاف بين سيبويه والأخفش، فسيبويه يجعله اسم جمع، والخفش يجعله جمع تكسير.
وفي اشتقاقها وجهان :
أحدهما : من الاختيال - وهو العجب - سُمِّيت بذلك؛ لاختيالها في مِشيتها
بطول أذنابها قال امرؤ القيس :[ المتقارب ]
١٣٦١ - لَهَا ذَنَبٌ مِثْلُ ذَيْلِ الْعَرُوسِ تَسُدُّ بِهِ فَرْجَهَا مِنْ دُبُرْ
الثاني : من التخيل، قيل : لأنها تتخيل في صورة من هو أعظم منها.
وقيل : أصل الاختيال من التخيل، وهو التشبيه بالشيء؛ لأن المختال يتخيل في صورة من هو أعظم منه كِبْراً. والأخيل : الشَّقِرَّاق؛ لأنه يتغير لونهُ، فمرة أحمر، ومرة أصفر وعليه قوله :[ مجزوء الكامل ]
١٣٦٢ - كَأبِي بَرَاقِشَ كُلُّ لَوْ نٍ لَوْنُهُ يَتَخَيَّلُ
وجوز بعضهم : أن يكون مخفَّفاً من « خَيَّل » - بتشديد الياء - نحو مَيْت - في ميِّت - وهيْن في هَيِّن، وفيه نظر؛ لأن كل ما سُمِع فيه التخفيف سُمِع فيه التثقيل، وهذا لم يُسْمع إلا مخفَّفاً؛ وهذا تقدم.
وقال الراغب :« الخيل - في الأصل - اسم للأفراس والفرسان جميعاً، قال تعالى :﴿ وَمِن رِّبَاطِ الخيل ﴾ [ الأنفال : ٦٠ ] في الأصل للأفراس، ويستعمل في كل واحد منهما منفرداً، نحو ما رُوِي » يَا خَيْلَ اللهِ ارْكَبي «، فهذا للفرسان، وقوله - عليه السلام - :» عَفَوْتُ لَكُمْ عَنْ صَدَقَةِ الْخَيْلِ «، يعني الأفراس، وفيه نظر؛ لأن أهل اللغة نَصُّوا على أن قوله - عليه السلام - » يَا خَيْلَ اللهِ ارْكَبي « إما مجاز إضمار أو مجاز علاقة، ولو كان للفرسان حقيقة لما ساغ قولهم.


الصفحة التالية
Icon