﴿ المحيض ﴾ فعل من الحيضِ، ويُرادُ به المصدرُ، والزمانُ، والمكانُ، تقولُ : حاضِت المرأَةُ تحيضُ، حَيضاً ومَحِيضاً، ومَحاضاً، فَبَنَوْه على مَفْعلٍ ومَفْعَل بالكَسرِ والفتحِ.
واعلم أنَّ في المَفْعَل مِنْ يَفْعِل بكسر العينِ ثلاثة مذاهب :
أحدها : أَنَّهُ كالصَّحيح، فتُفْتَحُ عينهُ مراداً به المصدرُ، وتُكسَرُ مراداً به الزَّمانُ والمكانُ.
والثَّاني : أَنْ يُتَخَيَّر بين الفتح والكسر في المصدرِ خاصَّةً، كما جاء هنا : المَحيضُ والمحَاضُ، ووجهُ هذا القول : أنَّهُ كثُر هذان الوجهان : أعني، الكسر، والفتح فاقْتَاسا.
والثالث : أَنْ يُقْتَصَرَ على السَّماعِ، فيما سُمِع فيه الكَسرُ، أو الفتحُ، لا يَتَعَدَّى. فالمحيضُ المُرادُ به المَصْدَرُ ليس بمقيسِ على المذهبين الأول والثالث، مقيسٌ على الثاني. ويقال : امرأَةٌ حائِضٌ ولا يقال :« حائِضَةٌ » إلا قليلاً، أنشد الفرَّاء :[ الطويل ]
١٠٧٩-........................ | كَحَائِضَةٍ يُزْنَى بِهَا غَيْر طَاهِرِ |
قال القرطبيُّ : ويقال : نساءٌ حيض، وحوائض، والحَيضةُ : المرأَةُ الواحدة. والحِيضةُ بالكَسْر، الاسم والجمع الحيض، والحيضة أيضاً : الخرقةُ التي تَسْتَثْفِرُ بها المَرْأَةُ، قالت عَائِشَةُ : لَيْتَنِي كُنُتُ حِيْضَةٌ مُلْقَاةٌ « وكذلك المَحِيضَةُ، والجمع : المَحائص.
وأصلُ الحَيض السَّيَلانُ، والانفجِارُ، يُقالُ : حَاضَ السَّيلُ وَفَاضَ، قال الفَرَّاءُ :» حَاضَتِ الشَّجَرَةُ، أي : سال صَمْغُها «، قال الأَزهرِيُّ :» وَمِنْ هَذَا قيل لِلْحَوضِ : حَيْضٌ؛ لأَنَّ المَاءَ يسيلُ إليه « والعربُ تُدْخِلُ الواو على اليَاءِ، وَالياءَ على الواوِ؛ لأَنَّهُما من حَيِّز واحدٍ، وهو الهواءُ.
ويقالُ : حاضت المرأةُ وتحيَّضَتْ، ودَرَسَتْ، وعَرَكت، وطَمِثت فهي حائضٌ، ودارِسٌ، وعارِكٌ، وَطَامِثٌ، وطَامِسٌ، وكَابِرٌ، وَضَاحِكٌ. قال تعالى :﴿ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ ﴾ [ يوسف : ٣١ ] أي : حضن، وقال تعالى :﴿ فَضَحِكَتْ ﴾ [ هود : ٧١ ].
قال مجاهد : أي : حاضَتْ ونافس أيضاً، والظَّاهر أن المحيض مصدرٌ كالحيضِ، ومثله :» المَقِيلُ « مِنْ قال يقِيلُ؛ قال الرَّاعِي :[ الكامل ]
١٠٨٠- بُنِيَتْ مَرَافِقُهُنَّ فَوْقَ مَزَلَّةٍ | لاَ يَسْتَطِيعُ بِهَا القُرَادُ مَقِيلاَ |
١٠٨١- إِلَيْكَ أَشْكُو شِدَّةَ المَعِيشِ | وَمَرَّ أَعْوَامٍ نَتَفْنَ رِيشِي |
حكى الواحديُّ في » البَسيط « عن ابن السَّكِّيت : إذا كان الفعلُ من ذوات الثلاثة نحو : كَالَ يكيلُ، وحاضَ يحيض وأشباهه، فإِنَّ الاسم منه مكسور والمصدر مفتوح، مِنْ ذلك مالَ ممالاً، وهذا مميله يذهب بالكسر إلى الاسم، وبالفتح إلى المصدر، ولو فتحهما جميعاً، أو كسرهما جميعاً في المصدرِ والاسمِ لجازَ، تقول : المَعَاشُ، والمَعِيشُ، والمَغَابُ، والمَغِيبُ، والمَسَارُ والمَسِيرُ فثبت أَنَّ لفظ المحيض حقيقةٌ في موضع الحيض، وأيضاً هو اسمٌ لنفس الحيضِ.