الحجة الخامسة : أَنَّ الإيلاء في نفسه ليس بطلاقٍ، بل هو حلفٌ على الامتناع عن الجماع مُدَّة مخصوصة، إلاَّ أنّ الشَّرعَ ضرب لذلك مقداراً معلوماً من الزَّمان؛ وذكل لأَنَّ الرَّجُل قد يترُك جماع المرأة مُدَّة من الزَّمان لا بسبب المضارّة، وهذا إنّما يكُون إذا كان الزَّمَانُ قصيراً، فَأَمَّا ترك الجماعِ زماناً طويلاً، فلا يَكُون إلاَّ عند قصد المضَارَّة، ولما كان الطُّول والقِصرُ في هذا الباب أَمراً غير مضبوطٍ، قَدَّر له الشَّارع حدّاً فاصِلاً بين القَصِير والطَّويل، وذلك لا يُوجبُ وقُوعَ الطَّلاق، بل اللائِقُ بحكم الشَّرع عند ظهور قصد المضارَّة، أن يَأْمُر بتركِ المَضَارَّة، أو بتخليصها من قَيْد الإيلاءِ، وهذا المعنى مُعْتَبرٌ في الشَّرع؛ كضرب الأَجل في مُدَّة العنينِ وغيره.
حجة أبي حنيفة - رضي الله عنه - : قراءة عبدالله بن مسعود :« فَإِنْ فَاءُوا فِيهِنَّ ».
والجواب : أنّ القراءة الشَّاذَّة مردودة؛ لأن القرآن لا يَثْبُتُ كونه قُرآناً إلاَّ بالتَّواتُر؛ فحيث فلم يثبُت بالتَّواتر، قطعنا بأنَّه ليس بقُرآن وأَوْلى النَّاس بهذا أبو حنيفة؛ فإنّه تَمَسَّك بهذا الحرف في أَنَّ التَّسمية ليست من القُرْآن.


الصفحة التالية
Icon