[ النور : ٣١ ]، و ﴿ سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثقلان ﴾ [ الرحمن : ٣١ ]، ولكن إنما فعل ذلك اتباعاً للرسم؛ لأن الألفَ حُذِفَتْ في مرسوم مصحف الشام في هذه الثلاثة، وعلى الجملة فقد ثبت حذف ألف « ها » التي للتنبيه. وأمَّا من أثبت الألف بَيْن الهاء وبين همزة « أنتم » فالظاهر أنها للتنبيه، ويضعف أن تكون بدلاً من همزة الاستفهام؛ لما تقدم من أن الألف إنما تدخل لأجل الثقل، والثقل قد زال بإبدال الهمزة هاء، وقال بعضهم : الذي يقتضيه النظر أن تكون « ها » - في قراءة الكوفيين والبَزِّيّ وابن ذكوان -، للتنبيه؛ لأن الألف في قراءتهم ثابتة، وليس من مذهبهم أن يفصلوا بين الهمزتين بألف، وأن تكون في قراءة قُنْبُل وورش - مُبْدَلَة من همزة؛ لأن قُنْبُلاً يقرأ بهمزة بعد الهاء، ولو كانت « ها » للتنبيه لأتى بألف بعد الهاء، وإنما لم يُسهِّل الهمزة - كما سَهَّلَها في ﴿ أَأَنذَرْتَهُمْ ﴾ ونحوه لأن إبدال الأولى هاء أغناه عن ذلك، ولأن ورشاً فعل فيه ما فعل في :﴿ أَأَنذَرْتَهُمْ ﴾ ونحوه من تسهيل الهمزة، وترك إدخال الألفِ، وكان الوجه في قراءته بالألف - أيضاً - الحمل على البدل كالوجه الثاني في ﴿ أَأَنذَرْتَهُمْ ﴾ ونحوه.
وما عدا هؤلاء المذكورين - وهم أبو عمرو وهشام وقالون - يحتمل أن تكون « ها » للتنبيه، وأن تكون بدلاً من همزة الاستفهام.
أما الوجه الأول فلأن « ها » التنبيه دخلت على « أنتم » فحَقَّق هشام الهمزة كما حققها في « هؤلاء » ونحوها، وَخَفَّفَهَا قالون وأبو عمرو؛ لتوسُّطِها بدخول حرف التنبيه عليها، وتخفيف الهمزة المتوسطة قَوِيٌّ.
الوجهُ الثاني : أن تكونَ الهاءُ بدلاً من همزة الاستفهام؛ لأنهم يَفْصِلُون بين الهمزتين بألفٍ، فيكون أبو عمرو وقالون على أصلهما - في إدخال الألف والتسهيل - وهشام على أصله - في إدخال الألف والتحقيق - ولم يُقْرَأ بالوجه الثاني - وهو التسهيل - لأن إبدال الهمزة الأولى هاءً مُغْنٍ عن ذلك.
وقال آخرون : إنه يجوز أن تكون « ها » - في قراءة الجميع - مُبْدَلَةً من همزة، وأن تكون التي للتنبيه دخلت على « أنتم » ذكر ذلك ابو علي الفارسي والمَهْدَوِي ومَكِيّ في آخرين.
فأما احتمال هذين الوجهين - في قراءة أبي عمرو وقالون عن نافع، وهشام عن ابن عامر- فقد تقدم توجيهه، وأما احتمالهما في قراءة غيرهم، فأما الكوفيون والبَزِّيُّ وابنُ ذكوان فقد تقدم توجيه كون « ها » - عندهم - للتنبيه، وأما توجيه كونها بدلاً من الهمزة - عندهم - أن يكون الأصل أنه أأنتم، ففصلوا بالألف - على لغة مَنْ قال :[ الطويل ]
١٥٠٣-.................................. أأنتِ أمْ أمُّ سَالِمِ
ولم يعبئوا بإبدال الهمزة الأولى هاءً؛ لكَوْن البدَلِ فيها عارضاً، وهؤلاء، وإن لم يكن من مذهبهم الفصل لكنهم جمعوا بين اللغتين.


الصفحة التالية
Icon