﴿ قَالُواْ سِحْرَانِ تَظَاهَرَا ﴾ [ القصص : ٤٨ ] - بتشديد الظاء - الأصل : تتظاهران، فأدغم الثاني في الظاء، وحذف النون تخفيفاً، وفي الحديث :« والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتّى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابّوا.. » يريد - عليه السلامُ- : لا تدخلون، ولا تؤمنون؛ لاستحالة النهي معنًى.
وقال الشاعرُ :[ الرجز ]
١٥٠٧- أبِيتُ أسْرِي، وَتَبِيتِي تَدْلُكِي | وَجْهَكِ بالْعَنْبَر وَالْمِسْكِ الذَّكِي |
ومثله قول أبي طالب :[ الطويل ]
١٥٠٨- فَإنْ يَكُ قَوْمٌ سَرَّهُمْ مَا صَنَعْتُمُ | سَتَحْتَلِبُوهَا لاَقِحاً غَيْرَ بَاهِلِ |
ولا يجوز أن يُتَوهَّم - في هذا البيت - أن يكون حذف النون لأجل جواب الشرط، لأن الفاء مُرادَة وجوباً؛ لعدم صلاحية « ستحتلبوها » جواباً؛ لاقترانه بحرف التنفيس.
والمراد بالحق : الآيات الدالة على نبوة محمد ﷺ في التوراة.
قوله :﴿ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ جملة حالية، ومتعلق العلم محذوف، إما اقتصاراً، وإما اختصاراً - أي : وأنتم تعلمون الحق من الباطل، أو نبوة محمد ﷺ أو تعلمون أن عقابَ مَنْ يفعل ذلك عظيم، وتعلمن أنكم تفعلون ذلك عناداً وحسداً.
فصل في كلام القاضي
قال القاضي : قوله تعالى :﴿ لِمَ تَكْفُرُونَ ﴾ ؟ و ﴿ لِمَ تَلْبِسُونَ الحق بالباطل ﴾ يدل على أن ذلك فعلهم؛ لأنه لا يجوز أن يخلقه فيهم، ثم يقول : لِمَ فعلتم؟
وجوابه : أن الفعل يتوقف على الداعية، فتلك الداعية إن حدثت لا لِمُحْدِث لزم نفي الصانع، وإن كان محدثها هو العبد افتقر إلى إرادة أخرى، وإن كان مُحْدِثُها هو الله - تعالى - لزمكم ما ألزمتموه علينا.