﴿ أَنبَتَكُمْ مِّنَ الأرض نَبَاتاً ﴾ [ نوح : ١٧ ] والأصل إنباتاً.
ومثله قول الشاعر :[ الوافر ]

١٣٩٣-.............................. وَبَعْدَ عَطَائِكَ الْمَائَةَ الرِّتَاعَا
أي : اعطائك، ومن ذلك - أيضاً - قوله :[ الوافر ]
١٣٩٤-.............................. وَلَيْس بِأنْ تَتَبَّعَُ اتِّبَاعَا
وقول الآخر :[ الوافر ]
١٣٩٥- وَلاَحَ بِجَانِبِ الْجَبَلَيْنِ مِنْهُ رُكَامٌ يَحْفِرُ الأرْضَ احْتِفَارَا
وهذا عكس الآية؛ إذ جاء المصدرُ مُزَاداً فيه، والفعل الناصب له مُجَرَّد من تلك الزوائدِ، ومن مجيء المصدر على غير المصدر قوله تعالى :﴿ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً ﴾ [ المزمل : ٨ ].
وقول الآخر :[ الرجز أو السريع ]
١٣٩٦- وَقَدْ تَطَوَّيْتُ انْطِوَاءَ الْحِضْبِ... والأصل : تَطَوِّيَّا، والأصل في « تُقَاةً » وقية مصدر على فُعَل من الوقاية. وقد تقدم تفسير هذه المادة، ثم أبدلت الواوُ تاءً مثل تخمة وتكأة وتجاه، فتحركت الواو وانفتح ما قبلها، فقُلِبَتْ ألفاً، فصار اللفظ « تقاة » كما ترى بوزن « فعلة » ومجيء المصدر على « فُعَل » و « فُعَلَة » قليل، نحو : التخمة، والتؤدة، والتهمة والتكأة، وانضم إلى ذلك كونها جاءت على غير المصدر، والكثير مجيء المصادرِ جارية على أفعالها.
قيل : وحسَّن مجيءَ هذا المصدر ثلاثياً كونُ فعله قد حُذِفت زوائده في كثيرٍ من كلامهم، نحو : تقى يتقى.
ومنه قوله :[ الطويل ]
١٣٩٧-.............................. تَقِ اللهَ فِينَا وَالْكِتَابَ الَّذِي تَتْلُو
وقد تقدم تحقيق ذلك أول البقرة.
الثاني : أنها منصوبة على المفعول به، وذلك على أن « تَتَّقُوا » بمعنى تخافوا، وتكون « تُقَاةً » مصدراً واقعاً موقعَ المفعول به، وهو ظاهر قول الزمخشريِّ، فإنه قال :« إلا أن تَخَافُوا من جهتهم أمراً يجب اتقاؤه ».
وقُرِئَ « تَقِيَّةً » وقيل - للمتقى- : تُقَاة، وتقية، كقولهم : ضَرْب الأمير - لمضروبه فصار تقديرُ الكلامِ : إلا أن تخافوا منهم أمْراً مُتَّقًى.
الثالث : أنها منصوبةٌ على الحال، وصاحب الحال فاعل « تَتَّقُوا » وعلى هذا تكون حالاً مؤكدةً لأن معناه مفهوم من عاملها، كقوله :﴿ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيّاً ﴾ [ مريم : ٣٣ ]، وقوله :﴿ وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي الأرض مُفْسِدِينَ ﴾ [ البقرة : ٦٠ ] وهو - على هذا - جمع فاعل، - وإن لم يُلْفَظْ ب « فاعل » من هذه المادة - فيكون فاعلاً وفُعَلَة، نحو : رَامٍ ورُمَاة، وغَازٍ وغُزَاة، لأن « فُعَلَة » يطَّرد جمعاً لِ « فاعل » الوصف، المعتل اللام.
وقيل : بل لعله جمع ل « فَعِيل » أجاز ذلك كلَّه أبو علي الفارسي.
قال شهاب الدينِ :« جمع فعيل على » فُعَلَة « لا يجوز، فإن » فَعِيلاً « الوصف المعتل اللام يجمع على » أفعلاء « نحو : غَنِيّ وأغنياء، وتَقِيّ وأتقياء، وصَفِيّ وأصفياء.
فإن قيل : قد جاء »
فعيل « الوصف مجموعاً على » فَُلَة « قالوا : كَمِيّ وكُمَاة.


الصفحة التالية
Icon