وقال :[ الطويل ]
١٥٢٩- فَيَا رَبَّ لَيْلَى أنْتَ في كُلِّ مَوْطِنٍ | وَأنْتَ الَّذِي فِي رَحْمةِ اللهِ أطْمَعُ |
ومنهم من قال : إن العائد يكون ضمير الاستقرار العامل في « مَعَ » و « لتؤمنن به » جوابُ قسمٍ مقدرٍ، وهذا القَسَم المقدَّر وجوابه خبر للمبتدأ الذي هو « لما آتيناكم » والهاء - في « بِهِ » - تعود على المبتدأ، ولا تعود على « رَسُولٌ » لئلاَّ يلزم خلُوّ الجملة الواقعة خبراً من رابط يربطها بالمبتدأ.
الوجه الثالث : كما تقدم، إلا أن اللام في « لَمَا » لام التوطئة؛ لأن اخذ الميثاق في معنى الاستخلاف. وفي « لتؤمنن » لام جواب القسم، هذا كلام الزمخشريِّ. ثم قال : و « ما » تحتمل أن تكون المتضمنة لمعنى الشرط، و « لَتُؤمِنُنَّ » سادّ مَسَدّ جواب القَسَم والشرط جميعاً، وأن تكون بمعنى الذي. وهذا الذي قاله فيه نظرٌ؛ من حيثُ إن لام التوطئة تكون مع أدوات الشرط، وتأتي - غالباً - مع « إن » أما مع الموصول فلا يجوزُ في اللام أن تكون موطئةً وأن تكون للابتداء. ثم ذكر في « ما » الوجهين، لحملنا كل واحد على ما يليق به.
الوجه الرابع : أن اللام هي الموطئة، و « ما » بعدها شرطية، ومحلها النصب على المفعول به بالفعل الذي بعدها - وهو « آتيْنَاكُمْ »، وهذا الفعل مستقبل معنًى؛ لكونه في جزاء الشرط، ومحله الجزم، والتقدير : واللهِ لأي شيء آتيتكم من كذا وكذا ليكونن كذا، وقوله :﴿ مِّن كِتَابٍ ﴾، كقوله :﴿ مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ ﴾ [ البقرة : ١٠٦ ] وقد تقدم تقريره. وقوله :﴿ ثُمَّ جَآءَكُمْ رَسُولٌ ﴾ عطف على الفعل قبله، فيلزم أن يكون فيه رابط يربطه بما عُطِف عليه، و « لَتُؤمِنُنَّ » جواب لقوله :﴿ أَخَذَ الله مِيثَاقَ النبيين ﴾ وجواب الشرط محذوف، سَدَّ جوابُ القسم مَسَدَّه، والضمير في « بِهِ » عائد على « رَسُولٌ »، كذا قال أبو حيّان.
قال شهاب الدين :« وفيه نظر؛ لأنه يمكن عودُه على اسم الشرط، ويُستغنَى - حينئذٍ - عن تقديره رابطاً ».
وهذا كما تقدم في الوجه الثاني ونظير هذا من الكلام أن نقول : أحلف بالله لأيهمْ رأيت، ثم ذهب إليه رجل قرشي لأحسنن إليه - تريد إلى الرجل - وهذا الوجه هو مذهب الكسائي.