﴿ وَأَشْهَدَهُمْ على أَنفُسِهِمْ أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بلى شَهِدْنَآ ﴾ [ الأعراف : ١٧٢ ] وهذا باب من المبالغة.
الرابع : فاشهدوا، أي : بيِّنوا هذا الميثاقَ للخاصّ والعامّ؛ لكي لا يبقى لأحد عذْرٌ في الجَهْل به، وأصله أن الشاهد يُبَيِّن صِدْقَ الدَّعْوَى.
الخامس : قال ابنُ عَبّاسٍ :﴿ فاشهدوا ﴾ أي : فاعلموا، واستيقِنوا ما قررته عليكم من هذا الميثاق، وكونوا فيه كالمشاهد للشيء المعاين له.
السادس : إذا قلنا : إنَّ أخْذَ الميثاقِ كان من الأمم، فقوله :﴿ فاشهدوا ﴾ خطاب للأنبياء بأن يكونوا شاهدين عليهم. قوله :﴿ مِّنَ الشاهدين ﴾ هذا هو الخبر؛ لأنه محط الفائدة. وأما قوله :﴿ مَعَكُمْ ﴾ فيجوز أن يكون حالاً، أي : وأنا من الشاهدين مصاحباً لكم، ويجوز أن يكون منصوباً ب « الشَّاهدينَ » ظرفاً له عند مَنْ يرى تجويزَ ذلك - ويمتنع أن يكون هذا هو الخبرُ؛ إذ الفائدة به غير تامةٍ في هذا المقامِ.
والجملة من قوله :﴿ وَأَنَاْ مَعَكُمْ مِّنَ الشاهدين ﴾ يجوز ألا يكون لها محل؛ لاستئنافها. ويجوز أن تكون في محل نصب على الحال من فاعل ﴿ فاشهدوا ﴾ والمقصود من هذا الكلام التأكيد، وتقوية الإلزام. قوله :﴿ فَمَنْ تولى ﴾ يجوز أن تكون « مَنْ » شرطية، فالفاء - في « فَأولَئِكَ » جوابها. والفعل الماضي ينقلب مستقبلاً في الشرط. وأن تكون موصولةً، ودخلت الفاء لشبه المبتدأ باسم الشرطِ، فالفعل بعدها على الأول - في محل جزم، وعلى الثاني لا محل له؛ لكونه صلة، وأما « فأولئك » ففي محل جزم أيضاً - على الأول، ورفع الثاني، لوقوعه خبراً و « هم » يجوز أن يكون فَصْلاً، وأن يكون مبتدأ.
ومعنى الآية : من أعرض عن الإيمان بهذا الرسولِ، وبنصرته، والإقرار له ﴿ فأولئك هُمُ الفاسقون ﴾ الخارجون عن الإيمان.


الصفحة التالية
Icon