وأما « لا هيثم الليلة للمطي »، فدل على حذف « مثل » ما تقرر في اللغة العربية أن « لا » التي لنفي الجنس، لا تدخل على الأعلام، فتؤثر فيها، فاحتيج إلى إضمار :« مثل » لتبقى على ما تقرر فيها؛ إذ تقرر أنها لا تعمل إلا في الجنس؛ لأن العلمية تنافي عمومَ الجنس.
وأما قوله : كما يزاد في : مثلك لا يفعل - تريد : أنت - فهذا قول قد قيل، ولكن المختار عند حُذَّاق النحويين أن الأسماء لا تزاد «.
قال شهاب الدين : وهذا الاعتراض - على طوله - جوابه ما قاله أبو القاسم - في خطبة كشافه - واللغوي وإن علك اللغة بلحييه والنحوي - وإن كان أنحَى من سيبويه - [ لا يتصدى أحد لسلوك تلك الطرائقِ، ولا يغوص على شيء من تلك الحقائقِ، إلا رجل قد برع في علمين مختصَّين بالقرآن المعاني والبديع - وتمهَّل في ارتيادهما آونةً، وتعب في التنقير عنهما أزمنةً ].
قوله :»
أولئك لم عذاب أليم « هذا هو النوع الثاني من وعيده الذي توعَّدَهم به. ويجوز أن يكون » لهم « : خبراً لاسم الإشارة، و » عَذَابٌ « فاعل به، وعمل لاعتماده على ذي خبره، أي : أولئك استقر لهم عذاب. وأن يكون » لَهُمْ « خبراً مقدَّماًن و » عَذَابٌ « مبتدأ مؤخر، والجملة خبر عن اسم الإشارة، والأول أحسن؛ لأن الإخبار بالمفرد أقرب من الإخبار بالجملة، والأول من قبيل الإخبار بالمفرد.
قوله :﴿ وما لهم من ناصرين ﴾ هذا هو النوع الثالث من الوعيد، ويجوز في إعرابه وجهان :
أحدهما : أن يكون ﴿ مِّن نَّاصِرِينَ ﴾ : فاعلاً، وجاز عمل الجارّ؛ لاعتماده على حرف النفي، أي : وما استقر لهم من ناصرين.
والثاني : أنه خبر مقدَّم، و ﴿ مِّن نَّاصِرِينَ ﴾ : مبتدأ مؤخر، و »
مِنْ « مزيدة على الإعرابَيْن؛ لوجود الشرطين في زيادتها.
وأتى ب »
ناصرين « جمعاً؛ لتوافق الفواصل.
واحتجوا بهذه الآية على إثبات الشفاعة؛ لأنه - تعالى - ختم وعيد الكفار بعدم النصرة والشفاعة، فلو حصل هذا المعنى في حق غير الكافر بطل تخصيص هذا الوعيد بالكفر.


الصفحة التالية
Icon