احتج الجمهور على الجواز بالسماع.
وهو قول الشاعر :[ الخفيف ]
١٤٠٠- أجَلَ الْمَرْءِ يَسْتَحِثُّ وَلاَ يَدْ | ري إذَا يَبْتَغِي حًصُولَ الأمَانِي |
واحتج المانعون بأن المعمول فضلة، يجوز الاستغناء عنه، وعَوْد الضمير عليه في هذه المسائل يقتضي لزوم ذكره، فيتنافى هذان السببان، ولذلك أجمع على منع زيداً ضرب، وزيداً ظن قائماً، أي : ضرب نفسه، وظنها، وهو دليلٌ واضح للمانع لولا ما يرده من السماع كالبيت المتقدم وفي الفرق عُسْر بين : غلامَ زَيدٍ ضَرَبَ، وبين : زيداً ضَرَبَ، حيث جاز الأول، وامتنع الثاني، بمقتضى العلة المذكورة.
قوله :« تجد » يجوز أن تكون [ المتعدية لواحد بمعنى « تصيب »، ويكون « محضراً » على هذا منصوباً على الحال، وهذا هو الظاهر، ويجوز أن تكون علمية ]، فتتعدى لاثنين، أولهما « مَا عَمِلَتْ »، والثاني « مُحْضَراً » وليس بالقويّ في المعنى، و « ما » يجوز فيها وجهان :
أظهرهما : أنها بمعنى « الذي » فالعائد - على هذا - مقدَّر، أي : ما عملته، وقوله :﴿ مِنْ خَيْرٍ ﴾ حال، إما من الموصول، وإما من عائده، ويجوز أن تكون « مِنْ » لبيان الجنسِ.
ويجوز أن تكون « ما » مصدرية، ويكون المصدر - حينئذ - واقعاً موقع مفعول، تقديره : يوم تجد كلُّ نفس عملها - أي : معمولها - فلا عائد حينئذ [ عند الجمهور ].
قوله :﴿ وَمَا عَمِلَتْ مِن سواء تَوَدُّ ﴾ يجوز في « ما » هذه أن تكون منسوقة على « ما » التي قبلها بالاعتبارين المذكورَيْن فيها - أي : وتجد الذي عملته، أو وتجد عملها - أي : معمولها - من سوء. فإن جعلنا « تَجِدُ » متعدياً لاثنين، فالثاني محذوف، أي : وتجد الذي عملته من سوء محضراً، أو وتجد عملها مُحْضَراً، نحو علمت زيداً ذاهباً وبكراً - أي : وبكراً ذاهباً - فحذفت مفعوله الثاني؛ للدلالة عليه بذكره مع الأول. وإن جعلناها متعدية لواحد، فالحال من الموصول أيضاً - محذوفة، أي : تجده محضراً - اي : في هذه الحال - وهذا كقولك : أكرمت زيداً ضاحكاً وعمراً - أي : وعمراً ضاحكاً - حذفت حال الثاني؛ لدلالة حال الأول عليه-، وعلى هذا فيكون في الجملة من قوله :« تَوَدُّ » وجهان :
أحدهما : أن تكون في محل نصب على الحال من فاعل « عَمِلَتْ »، أي : وما عملته حال كونها وَادَّةً، اي : متمنِّيًَ البعد من السوءِ.