وفي الحديث : كنا مع عمرو بن العاص، فدخلنا شِعْباً، فإذا نحن بغربان، وفيهن غُرابٌ أحمرُ المنقار أحمر الرِّجلين، فقال عَمرو : قال رسول الله ﷺ « لاَ يَدْخُلُ الجَنَّةَ مِنَ النِّسَاءِ إلاَّ بِقَدْرِ هَذَا مِنَ الغِرْبَانِ » والمراد منه : التقليل.
قوله :« فقد هدي » جواب الشرط، وجيء ف يالجواب ب « قد » دلالةً على التوقُّع؛ لأن المعتصم متوقع الهداية.
والمعنى : ومن يمتنع بدينِ الله، ويتمسك بدينه، وطاعتهِ، فقد هُدِي إلى صراطِ مستقيم واضح. وفسره ابن جرير ومن يعتصم بالله أي : يؤمن بالله.

فصل


احتجوا بهذه الآية على أن فعل العبدِ مخلوق لله تعالى؛ لأنه جعل اعتصامهم هداية من الله تعالى، والمعتزلة ذكروا فيه وجوهاً :
أحدها : أن المرادَ بهذه الهداية الزيادة في الألطاف المرتبة على أداء الطاعات، كقوله تعالى :﴿ يَهْدِي بِهِ الله مَنِ اتبع رِضْوَانَهُ سُبُلَ السلام ﴾ [ المائدة : ١٦ ] وهذا اختيار القفال.
الثاني : أن التقدير : ومن يعتصم بالله فنعم ما فعل؛ فإنه إنما هُدِي إلى الصراط المستقيم، ليفعل ذلك.
الثالث : أن التقدير : ومن يعتصم بالله فقد هُدِيَ إلى طريقِ الجنة.
الرابع : قال الزَّمَخْشَرِيُّ :« فقد هدي » أي : فقد حصل له الهدى - لا محالة - كما تقول : إذا جئتَ فلاناً فقد أفلحتَ، كأن الهدى قد حصل، فهو يخبر عنه حاصِلاً؛ لأن المعتصم بالله متوقّع للهدى، كما أن قاصد الكريم متوقع للفلاح عنده.


الصفحة التالية
Icon