لمَّا وصف المؤمنين بالصفاتِ الحَسَنة، أتبعه بوعيد الكُفَّار، ليجمع بين الوعدُ والْوَعيد، والترغيب والترهيب.
قال ابْنُ عَبَّاسٍ : يريد قريظة والنضير؛ لأن معاندتهم كانت لأجل المال، لقوله تعالى : في سورة البقرة ﴿ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً ﴾ [ البقرة : ٤١ ].
وقيل : نزلت في مشركي قريش؛ فإن أبا جهل كان كثير الافتخار بماله.
وقيل : نزلت في أبي سفيان؛ فإنه أنفق مالاً كثيراً على المشركين يوم بَدر وأحد.
وقيل : إنها عامة في جميع الكفار؛ لأنهم كانوا يتعززون بكثرة الأموال، ويعيرُون الرسول ﷺ وأتباعه بالفقر، ويقولون : لو كان محمد على الحق، لما تركه ربه في الفقر والشدة.
فالأولون قالوا : إن الآية مخصوصة، وهؤلاء قالوا : إن اللفظ عام، ولا دليلَ يوجب التخصيص، وخص الأولاد، لأنهم أقرب أنساباً إليهم.
واحتجَّ أهلُ السنة بقوله :﴿ وأولئك أَصْحَابُ النار هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ عَلَى أن فُسَّاق أهل الصلاة لا يَبقون في النار أبداً؛ لأن هذه الكلمة تفيد الحصر، فيقال : أولئك أصحاب زيد، لا غيرهم، ولما أفادت معنى :« الحصر » ثبت أن الخلودَ في النار ليس إلاَّ ل « الكفار ».