قال سهل بن عبد الله : علامة حُبُّ الله حُبَّ القرآن، وعلامة حب القرآن حبُّ النبي، وعلامة حب النبي ﷺ حب السنة، وعلامة حب السنة، حب الآخرة، وعلامة حب الآخرة، أن لا يحب نفسه، وعلامة أن لا يحب نفسه أن يبغض الدنيا، وعلامة بغض الدنيا أن لا يأخذ منها إلا الزاد والبُلْغَة.
قوله :﴿ قُلْ أَطِيعُواْ الله والرسول ﴾ الآية قيل : إنه لما نزلت هذه الآية، قال عبد الله بن أبي لأصحابه : إن محمداً يجعل طاعته كطاعة الله، ويأمرنا أن نحبه كما أحبت النصارَى عيسى - عليه السلام - فنزل قوله :﴿ قُلْ أَطِيعُواْ الله والرسول فإِن تَوَلَّوْاْ ﴾ أعرَضوا عنها ﴿ فَإِنَّ الله لاَ يُحِبُّ الكافرين ﴾ لا يَرْضَى فعلَهم ولا يغفر لهم.
والمعنى : إنما أوجب الله عليكم طاعتي، ومتابعتي - لا كما تقول النصارى في عيسى، [ بل لكوني رسولاً من عند الله ].
قوله :﴿ فإِن تَوَلَّوْاْ ﴾ يحتمل وجهين :
أحدهما : أن يكون مضارعاً، والأصل « تَتَوَلُّوْا » فحذف إحدى التاءين كما تقدم، وعلى هذا، فالكلام جارٍ على نسق واحدٍ، وهو الخطاب.
والثاني : أن يكون فعلاً ماضياص مسنداً لضمير غيب، فيجوز أن يكون من باب الالتفاتِ، ويكون المراد بالغُيَّبِ المخاطبين في المعنى، ونظيره قوله تعالى :﴿ حتى إِذَا كُنتُمْ فِي الفلك وَجَرَيْنَ بِهِم ﴾ [ يونس : ٢٢ ].

فصل


روي عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال :« كُلُّ أمتي يدخلونَ الجنة إلا مَنْ أبَى » قالوا : ومن يَأبَى؟ قال :« مَنْ أطَاعَني دَخَلَ الْجَنَّةَ، ومَنْ عَصَانِي فَقَدْ أبَى ».
قال جابر بن عبد الله :« جاء الملائكة إلى النبيِّ ﷺ - وهو نائم - فقال بعضهم : إنه نائم، وقال بعضهم : إن العين نائمة، والقلب يقظان، فقالوا : إن لصاحبكم هذا مَثَلاً، فاضربوا له مَثَلاً، فقالوا : مثله كمثل رجل بنى داراً، وجعل فيها مأدُبَةً، وبعث داعياً، فمن أجاب الداعي دَخل الدارَ، وأكل من المأدبةِ، ومن لم يجب الداعيَ لم يدخل الدارَ، ولم يأكُلْ من المأدُبَةِ، فقالوا : أوِّلُوها له بفقهها، فقال بعضهم : إنه نائم، وقال بعضهم : إن العينَ نائمة والقلب يقظانُ، قالوا : فالدار الجنة، والداعي محمد ﷺ من أطاع محمداً فقد أطاع الله، ومن عَصَى محمداً فقد عصى الله، ومحمد ﷺ فَرَقَ بين الناس ».
روى الترمذي عن النبي ﷺ أنه قال :« من أراد أن يحبه اللهُ عليه بصدقِ الحديثِ، وأداء الأمانة وأن لا يؤذِي جاره » وروى مسلم - عن أبي هريرة - قال : قال رسول الله ﷺ


الصفحة التالية
Icon