﴿ وَأَن تَصَدَّقُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ ﴾ [ البقرة : ٢٨٠ ].
ويُحْتَمَلُ أنْ يكون هذا بسبب غضب رسول الله ﷺ، حين مَثَّلُوا بعَمِّه حمزة، وقال : لأمَثلنَّ بِهِمْ فندب إلى كَظْم هذا الغيظ.
وقال الكلبي : العافين عن المملوكين سوءَ الأدب.
وقال زَيْدُ بْنُ أسْلَمَ وَمُقَاتِلٌ : عمن ظلمهم وأساء إليهم، قال ﷺ :« لاَ يَكُونُ العَبْدُ ذَا فضْل حَتَّى يَصِلَ مَنْ قَطَعَهُ، ويَعْفُوَ عَمَّنْ ظَلَمَهُ ويُعْطَِ مَنْ حَرَمَهُ ».
ورُوِي عن عيسى ابن مريم أنه قال :« لَيْسَ الإحْسَانُ أنْ تُحْسِنَ إلى مَنْ أحْسَنَ إلَيْكَ، ذَاكَ مُكَافَأةٌ، إنَّما الإحْسَانُ أنْ تُحسِنَ إلى مَنْ أسَاءَ إلَيْكَ ».
ثم قال :﴿ والله يُحِبُّ المحسنين ﴾ هذه اللام يحتمل أن تكون للجنس، فيدخل كل مُحْسن، وأن تكون للعهد، فتكون إشارة إلى هؤلاء.
وهذه الآية من أقْوَى الدلائل على أن الله - تعالى - يعفو عن العُصَاة، لأنه قد مدح الفاعلين لهذه الخصال، وأحَبَّهم، وهو أكرم الأكرمين، والعفو والغفور الحليم، والآمر بالإحسان، فكيف يمدح بهذه الأفعال، ويندب إليها، ولا يفعلها؟ إن ذلك لممتنع في العقول.