ثم مرَّ بقوم، فرأى آثار العبودية عليهم أكثر، فسألهم : فقالوا : نعبده لأنه إلهُنَا، ونحن عبيدُهُ، لا لرغبة ولا لرهبة، فقال : أنتم العبيد المخلصونَ، والمتعبدون المحقون.
قوله :﴿ لإِلَى الله ﴾ اللام جواب القسم، فهي داخلة على ﴿ تُحْشَرُونَ ﴾ و ﴿ وَإِلَى الله ﴾ متعلقٌ به، وإنما قُدِّم للاختصاص، أي : إلى الله -لا إلى غيره- يكون حشركم، أو للاهتمام به، وحسًّنه كونُه فاصلة، ولولا الفصل لوجب توكيد الفعل بالنون؛ لأن المضارع المثبت إذا كان مستقبلاً وجب توكيده [ بالنون ]، مع اللام، خلافاً للكوفيين؛ حيث يُجيزون التعاقُبَ بينهما.
كقول الشاعر :[ الكامل ]

١٦٧٦- وَقَتِيلِ مُرَّةَ أثأرَنَّ... .............................
فجاء بالنون دون اللام.
وقول الآخر :[ الطويل ]
١٦٧٧- لَئِنْ قَدْ ضَاقََتْ عَلَيْكُمْ بُيُوتُكُمْ لَيَعْلَمُ رَبِّي أنَّ بَيْتِيَ وَاسِعُ
فجاء باللام دون النون، والبصريون يجعلونه ضرورة.
فإن فُصِلَ بين اللام بالمعمول -كهذه الآية- أو بقَدْ، نحو : والله لقد أقومُ.
وقوله :[ الطويل ]
١٦٧٨- كَذَبْتِ لَقَدْ أُصْبِي عَلَى المرْءِ عِرْسَهُ ...............................
أو بحرف التنفيس، كقوله تعالى :﴿ وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فترضى ﴾ [ الضحى : ٥ ] فلا يجوز توكيده -حينئذ- بالنون، قال الفارسيُّ :« الأصل دخولُ النُّونِ، فَرْقاً بين لام اليمينِ، ولام الابتداءِ، ولام الابتداء لا تدخل على الفضلاتِ، فبدخول لام اليمين على الفضلة حصل الفرقُ، فلم يُحْتَجْ إلى النون وبدخولها على » سوف « حصل الفرق -أيضاً- فلا حاجةَ إلى النُّونِ ولام الابتداء لا تدخل على الفعل إلا إذا كان حالاً، أما مستقبلاً فلا ».
وأتى بالفعل مبنيًّا لما لم يسم فاعله -مع أن فاعل الحشرِ هُوَ اللهُ- وإنما لم يصرح به، تعظيماً.


الصفحة التالية
Icon