وجاء قوله : من الالتفات؛ إذ لو جاء على نسقِ هذا الكلام لقيل : فتوكل عليَّ.
فقد نُسِب العزمُ إليه تعالى في قول أم سلمة :« ثم عزم الله لي » وذلك على سبيل المجاز.
فصل
معنى الكلامِ : فإذا عزمتَ على اللهِ لا على مشاورتهم، أي : قم بأمر اللهِ، وثق به، ﴿ إِنَّ الله يُحِبُّ المتوكلين ﴾ وهذا جارٍ مجرى العلةِ الباعثةِ على التوكُّل عند الأخذ في كل الأمورِ، وهذه الآية تدل على أنه ليس التوكُّلُ أن يُهْمِل نفسه -كقول بعض الجُهَّال- وإلا لكان الأمرُ بالمشاورة منافياً [ للأمر بالتوكل ]، بل التوكلُ هو أن يراعيَ الإنسانُ الأسبابَ الظاهرةَ، ولكن لا يعوِّل بقلبه عليها، بل يعوِّل على عصمة الحقِّ.
فصل
التوكلُ : الاعتماد على الله تعالى مع إظهار العجزِ، والاسم : التُّكْلان، يقال منه : اتكلت عليه في أمري وأصله، اوتَكَلْتُ، قُلِبت الواو ياء، لانكسار ما قبلها، ثم أُبْدِلت منها التاء، وأدغمت في تاء الافتعال، ويقال : وكَّلْته بأمري توكيلاً، والاسم : الوكَالة -بكسر الواو وفتحها-.