ثالثها : أن القوم قالوا :﴿ أنى هذا ﴾ أي : من أينَ هَذَا؟ وهذا طلبٌ لسبب الحدوثِ، فلو لم يكن المحدث لها هو العبدُ لم يكن الجوابُ مطابقاً للسؤال.
وأجيبوا عن الأوليْن بالمعارضة بالآيات الدالة على كون أفعال العبدِ بإيجاد الله تعالى، وعن الثالث بأنه لو كانوا هم الذين أوجدوا الفعل لم يحسن منهم السؤالُ عن سببه.
ثم قال :﴿ إِنَّ الله على كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ أي : قادر على نصْركم -لو صبرتم وثبتُّم- كما قدر على التخلية -إذ خالفتم وعصيتم- وهذا يدل على أن فعل العبد مخلوق لله تعالى، قالوا : لأن فعل العبد شيء، فيكون الله قادراً على إيجاده، فلو أوجده٠ العبد امتنع كونه -تعالى- قادراً على إيجاده؛ لأنه لما أوجده العبد امتنع من الله إيجاده، لأن إيجادَ الموجودِ مُحَالٌ، والمُفضِي إلى المُحَالِ مُحَالٌ.