﴿ وَإِذْ أَخَذَ الله مِيثَاقَ النبيين لَمَآ آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ﴾ [ آل عمران : ٨١ ] أنه - في أحد الأوجه - على حذف مضاف، أي : أولاد النبيين، فلا بُعْدَ في تقديره هنا - أعني : قراءة ابن عباس-. والهاء في ﴿ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ ﴾ قال سعيدُ بنُ جُبَيْر والسُّدِّيُّ تعود إلى محمد ﷺ وعلى هذا يكونُ الضميرُ عائداً إلى معلوم غير مذكور.
وقال الحسنُ وقتادةَ : تعود على « الكِتَابِ » أي : يبينون للناس ما في التوراة والإنجيل من الدلالة على صدق نبوة محمد ﷺ.
فإن قيل : البيانُ يضادُّ الكتمان، فلما أمر بالبيان كان الأمر به نهياًَ عن الكتمان فما الفائدة في ذِكْرِ النَّهي عن الكتمان؟
فالجوابُ : أن المرادَ من البيان ذِكْرُ الآياتِ الدالةِ على نبوةِ محمد ﷺ من التوراة والإنجيل والمراد من النهي عن الكتمان أن لا يلقوا فيها التأويلات الفاسدة، والشبهات المعطلة.
قال قتادةُ : هذا ميثاقٌ أخذه الله على أهلِ العِلْمِ، فمَنْ عَلِمَ شيئاً فلْيُعَلِّمْه، وإياكم وكتمانَ العِلْمِ، فإنه هَلَكَه. قال ﷺ :« مَنْ سُئِلَ عَنْ عِلْمٍ يَعْلَمُهُ فَكَتَمَهُ ألْجِمَ يَوْمَ الْقِيامةِ بِلِجَامٍ مِنْ نارٍ ».
قوله :﴿ فَنَبَذُوهُ وَرَآءَ ظُهُورِهِمْ ﴾ طرحوه، وضيَّعوه، ولم يُراعوه، ولم يلتفتوا إليه. والنبذ وراء الظهر مثَل للطَّرْح، ونقيضه : جعله نُصْبَ عينيه.
وقوله :﴿ واشتروا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً ﴾ معناه : أنهم أخفوا الحقَّ؛ ليتوسلوا بذلك إلى وجدان شيء من الدنيا، ثم قال :﴿ فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ ﴾.