الغرور : مصدر قولك : غَرَرْت الرجل بما يستحسنه في الظاهر، ثم يجده -عند التفتيش- على خلاف ما يجب.
نزلت في المشركينَ، وذلك أنهم كانوا في رخاءٍ ولينٍ من العيش وتنعم، فقال بعض المؤمنينَ : إنَّ أعداءَ اللهِ فيما نرى من الخير، ونحن في الجَهْد، فأنزلَ اللهُ هذه الآيةَ :﴿ لاَ يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الذين كَفَرُواْ ﴾ في ضَرْبهم « فِي الْبِلادِ » وتصرُّفهم في الأرض للتجارات وأنواع المكاسب. فالخطاب مع النبي ﷺ والمرادُ منه غيره.
قال قتادةُ : واللهِ ما غروا نبيَّ الله قط، حتى قبضه اللهُ تَعَالَى، ويمكن أن يقالَ : سبب عدم إغراره هو تواتُر الآيات عليه، لقوله :﴿ وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَاكَ ﴾ [ الإسراء : ٧٤ ] فسقط قولُ قتادةَ.
قوله :« مَتَاعٌ » خبر مبتدأ محذوف، دَلَّ عليه الكلام، تقديره : تقلبهم، أو تصرفهم متاع قليل. والمخصوص بالذم محذوف، أي : بئس المهاد جهنم. ومعنى « مَتَاعٌ قَلِيلٌ » أي : بُلْغة فانية، ومُتْعة زائلة.
وإنما وصفه بالقِلَّة؛ لأن نعيم الدنيا مشوب بالآفات ثم ينقطع، وكيف لا يكون قليلاً وقد كان معدوماً من الأزل إلى الآن، وسيصير معدوماً من الأزل وإلى الأبد فإذا قابلت زمان الوجود بما مضى وما يأتي -وهو الأزل والأبد- كان أقل من أن يجوز وصفه بأنه قليل ثُمّ قال بعده :﴿ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ المهاد ﴾ يعني أنه مع قلته يؤول إلى المَضَرَّة العظيمةِ، ومثل ها لا يُعَدُّ نِعْمَةً.