أمهات جمع أمِّ والهاء زائدةٌ في الجمع، فَرْقاً بَيْنِ العُقَلاَءِ وغيرهم، يُقَالُ في العُقَلاَءِ أمَّهَات، وفي غيرهم أمات كقوله :
١٧٧٣- وَأمَّاتِ أطْلاَءٍ صغار... هذا هو المشهور، وقد يقال :« أمَّات » في العقلاء و « أمهات » في غيرهم، وقد جمع الشَّاعِرُ بين الاستعمالين في العُقَلاَءِ فقال :[ المتقارب ]

١٧٧٤- إذَا الأمَّهاتُ قَبَحْنَ الوُجُوهَ فَرَجْتَ الظَّلاَمَ بِأُمَّاتِكَا
وقد سُمِعَ « أمهة » في « أم » بزيادَةِ هاء بعدها تاء تأنيث، قال :[ الزجر ]
١٧٧٥- أُمَّهَتي خِنْدَفٌ وَالْياسُ أبِي... فعلى هذا يَجُوزُ أنْ تكون أمَّهات جمع « أمهة » المزيد فيها الهاء، والهاءُ قد أتَتْ زَائِدةً في مواضع قالوا : هِبْلَع، وهِجْزَع من البَلْعِ وَالجَزْع.
قوله :﴿ وَبَنَاتُكُمْ ﴾ عطف على ﴿ أُمَّهَاتُكُمْ ﴾ وبنَاتُ جمع بِنْتٍ، وَبِنْتٌ : تأنيث ابن، وتقدَّمَ الكلام عليه وعلى اشتقاقه ووزنه في البقرة في قوله :﴿ يَابَنِي إِسْرَائِيلَ ﴾ [ البقرة : ٤٠ ] إلا أنَّ أبَا البقاء حكى [ عن ] الفرَّاءِ أنَّ « بَنَات » ليس جمعاً ل « بِنْتٍ »، يعني : بكسر البَاءِ بل جمع « بَنَة » يعني : بفتحها قال : وكُسِرَتِ الْبَاءِ تنبيهاً على المحذوف.
قال شهابُ الدِّينِ : هذا إنَّمَا يَجيءُ على اعتقادِ أنَّ لامها ياء، وقد تَقَدَّمَ الخلافُ في ذلك، وأنَّ الصَّحِيحَ أنَّهَا واو، وَحَكَى عن غيره أن أصلها :« بَنَوة » وعلى ذلك جَاءَ جمْعُهَا ومذكرها، وهو بنون، قال : وهو مذهب البصريين.
قال شهَابُ الدِّينِ : لا خلاف بين القوْليْنِ في التَّحْقِيقِ؛ لأنَّ من قال بنات جمعُ التأنيث، والَّذي قال : بنات جمع « بنوة » لفظ بالأصْلِ فَلاَ خِلاف.
وأعْلَمْ أنَّ تَاء « بِنْتٍ » وَ « أخْت » تاءُ تعويضٍ عن اللامِ المحذوفَةِ، كما تَقَّدَمَ تقريره، وليست للتَّأنِيثِ؛ لوجهين :
أحدُهُما : أنَّ تَاءَ التَّأنيثِ يَلْزَمُ فتح ما قبلها لفظاً أوْ تقديراً : نحو : تَمْرَةٍ وفتاة، وهذه ساكنٌ ما قَبْلَهَا.
والثَّاني : أنَّ تَاءَ التأنيث تبدل في الوقف هاء، وهذه لا تُبْدَلُ، بل تُقَرُّ على حالها. قال أبُو البَقَاءِ :« فإن قيل : لِمَ رُدَّ المحذوف في » أخوات « ولم يُرَدُّ في » بَنَات « ؟ قيل :[ حُمِلَ ] كلُّ واحد من الجَمْعَيْنِ على مذكَّرِهِ، فمذكر » بنات « لم يُرَدُّ إليه المحذوف بل قالوا فيه » بَنُون «، ومذكر » أخَوات « رُدَّ فيه محذوفة قالوا في جمع أخ، إخْوَة وإخوان ».
قال شهَابُ الدِّينِ : وهذا الذي قاله ليس بشيء؛ لأنَّهُ أخذ جمع التَّكسير وهو إخوة وإخوان مقابلاً ل « أخوات » جمع التَّصْحِيحِ، فقال : رُدَّ في أخوات كما رُدَّ في إخوة، وهذا أيْضاً موجودٌ في بنات؛ لأنَّ مذكَّره في التكسير رُدَّ إليه المحذوفُ قالوا : ابن وأبناء، ولمّا جمعوا أخاً جمع السَّلامة قالوا فيه « أخُون » بالحذف، فردُّوا في تكسير ابن وأخ محذوفهما، ولم يَرُدُّوا في تصحيحهما، [ فبان ] فَسَادُ ما قال.


الصفحة التالية
Icon