وثانيها : قوله عليه السَّلاَمُ :« الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ ولِلْعَاهِرِ الحَجَرُ » فحصر النسب في الفراش.
وثالثها : أنَّهُ لا ولاية له عليها، ولا يَرِثُهَا ولا ترثه، ولا يجب لها عليه نفقة ولا حضانة، ولا يَحِلُّ له الخلوةُ بها، ولَمَّا لم يثبت شَيْء من ذلك علمنا انتفاء النَّسَبِ بينهما، وَإذَا انتفى النَّسَبُ بينهما حلَّ التَّزَوُّجُ بها.
قوله ﴿ وَأَخَوَاتُكُمْ ﴾ ويدخل فيه الأخوات للأبوين والأب وللأم.
قوله ﴿ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاَتُكُمْ ﴾.
قال الواحِدِيُّ : كلُّ ذكر رجع نسبك إلَيْهِ فأخته عَمَّتُك، وقد تكون العمة من جهة الأم، وهي أخْتُ أبي أمِّكَ، وكل أنثى رجع نسبك إلَيْهَا بالولادة فأختها خالتك، وقد تكونُ الخالةُ من جهة الأبِ، وهي أختُ أمِّ أبيكَ، فألف « خالة » و « خال » منقلبة عن وَاوٍ بدليل جمعه على « أخْوَالٍ » قال تعالى :﴿ وَبَنَاتُ الأخ وَبَنَاتُ الأخت ﴾ وقوله وبنات الأخ والأخت، والقول فيهنَّ كالقول في بنات الصلب.
قال المفسِّرُون كُلُّ امرأةٍ حرم اللَّهُ نكاحها ابتداءً فهنَّ المذكورات في الآية الأولى وكلُّ امرأة كانت حلالاً ثمَّ طَرَأَ تحريمها فهن اللاتي ذكرن في باقي الآية.
قوله ﴿ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُم مِّنَ الرضاعة ﴾.
قال الواحِدِيُّ : سَمَّاهُن أمهات لأجل الحرمة، كما أنَّهُ تعالى سَمَّى أزواج النَّبيِّ ﷺ أمهات المؤمنين [ في قوله :] ﴿ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ ﴾ [ الأحزاب : ٦ ].
قوله :﴿ مِّنَ الرضاعة ﴾ في موضع نصب على الحال، يتعلق بمحذوف تقديره : وأخواتكم كائنات من الرضاعة.
وقرأ أبو حيوة من الرِّضاعة بكسر الرَّاءِ.
فصل :[ حرمة الأمهات والأخوات من الرضاعة ]
نُصَّ في هذه الآية على حرمة الأمَّهَاتِ والأخوات من الرِّضاعة كما يحرمن من النَّسَبِ، وقد نبَّه الله تعالى في الآية على ذلك بتسميته المرضعة أماً والمرضعة أختاً فأجرى الرّضاع مجرى النَّسَبِ، [ وذلك لأنَّهُ تعالى حرم بسبب النّسب ] سبعاً اثنان بطريق الولادةِ وهما الأمهات والبنات، وخمسٌ بطريق الأخوة؛ وهنَّ : الأخواتُ والعماتُ والخالاتُ وبنات الأخ، وبنات الأخت، ثمَّ لما شرع في أحوال الرِّضاعَةِ ذكر من كل واحد من هذين القسمين صورة واحدة تنبيهاً بها على الباقي، فذكر من قسم قرابة الولادة الأمَّهات، ومن قسم قرابة الأخوة الأخوات، ونَبَّه بذكر هذين المثالين من هذين القسمين على أنَّ الحال في باب الرضاع، كما هو في باب النَّسَبِ، ثُمَّ إنّهُ ﷺ أكَّدَ ذلك البيان بقوله « يحرم من الرضاع ما يحرم بالنسب ».
فصل :[ من هي الأم من الرضاع؟ ]
الأمُّ من الرّضَاعِ هي المرضعةُ، وكذلك كلُّ امرأةٍ انتسبت إليها بالأمومة إمّا من جهة النَّسَبِ، أو من جهة الرضاع، وكذلك القَوْلُ في الأب وَإذَا عرفت الأم والأب عرفت البنت أيضاً بذلك الطريق.