فصل


في التَّحذيرِ من نكاح الأمَاءِ وجوهٌ منها :-الولد ينبع الأمِّ في الحريَّة والرِّق فيصير الولد رقيقاً.
قال عُمَرُ -Bه- : أي حُرٍّ تَزوَّجَ بأمَةٍ، فقد رَقّ نِصْفُهُ، يعني : يصير وَلَدُهُ رقيقاً.
وقال سعيدُ بْنُ جُبير : ما نكاح الأمة من الزِّنَا إلا قريب، قال الله تعالى :﴿ مِنْكُمْ وَأَن تَصْبِرُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ ﴾ أي عنْ نِكَاحِ الإمَاءِ.
ومنها أنَّ الأمَةَ تكون قد تعوّدت الخروجَ، والبروزَ والمخالطةَ للرِّجَالِ وصارت في غاية الوقَاحةِ، ورُبَّمَا تَعَوَّدَت الفجورَ.
ومنها أن حقّ المولى عليهم أعظم من حقِّ الزَّوْجِ، ولا تخلص للزَّوْج كخلوص الحُرَّةِ، وربَّما احتاج الزَّوْجُ إليها جداً، ولا يجد إليها سبيلاً [ لحبس السيّد لها ].
ومنها أنَّ المولى قد يبيعها من إنسان آخر، فعلى قول من يقول بيع الأمَةِ يُوجِبُ طلاقها تصير مطلَّقَة شاء الزَّوْجُ أم أبى، وعلى قول من لا يرى ذلك فقد يُسَافِر المولى بها وبولدها، وذلك من أعْظَمِ المَضَارّ.
ومنها أن مهرها ملك لمولاها، فلا تَقْدِرُ على هبته لِزوجهَا، ولا إبرائه بخلاف الحرَّةِ، فلهذه الوجوه لم يُؤْذَنْ في نِكَاحِ الأمةِ إلا على سبيل الرُّخصةِ.
وروى أبُو هريرة قال : سَمِعْتُ رسولَ اللهَ ﷺ يقول [ الحرائر ] صلاح البيت والإماء هلاك البيت أو قال فساد « فساد البيت » ذكره القرطبي.
قوله :« فممّا » الفاء قد تقدّم أنَّها إمَّا جواب الشَّرط، وإمَّا زائدة في الخَبَرِ على حَسْبِ القولين في « من » وفي هذه الآية سبعة أوْجُهٍ :
أحدها : أنَّها متعلّقة بفعل مقدّر بعد الفاء تقديرُهُ : فينكحُ مِمَّا ملكت أيمانكم و « ما » على هذا موصولة بمعنى الذي أي : نوع الّذي ملكته، ومفعولُ ذلك الفعل المقدّر محذوفٌ تقديرهُ : فَيَنْكِحُ امرأة، أو أمَةً مما ملكته أيمانكم؛ ف « مِمَّا » في الحقيقة متعلق بمحذوف لأنَّهُ صفة لذلك المفعولِ المحذُوفِ و « من » للتَّبعيضِ، نحو : أكلتُ مِنَ الرَّغيفِ، و ﴿ مِّن فَتَيَاتِكُمُ ﴾ في محلِّ نصب على الحال من الضَّمير المقدّر في « ملكت » العائد على [ « مَا » ] الموصولة و ﴿ المؤمنات ﴾ صفة لفتياتكم.
الثَّاني : أن تكون « مِنْ » زائدة و « ما » هي المفعولة بذلك الفعل المقدَّر أي : فلينكح ما ملكته أيمانكم.
الثَّالثُ : أنَّ « مِنْ » في ﴿ مِّن فَتَيَاتِكُمُ ﴾ زائدة و ﴿ فَتَيَاتِكُمُ ﴾ هو مفعولُ ذلك الفعل المقدَّرِ أي : فلينكح فتياتكم، و « مما ملكت » متعلق بنفس الفعل و « من » لابتداء الغاية، أو بمحذوف على أنَّهُ حال من « فتياتكم » قدم عليها و « من » للتَّبعيضِ.
الرَّابعُ : أن مفعول « فلينكح » [ هو المؤمنات أي : فلينكح ] المؤمنات الفتيات و « مما ملكت » على ما تقدَّم في الوجْهِ قبله و « من فتياتكم » حال من ذلك العائد المحذوف.


الصفحة التالية
Icon