قوله :﴿ وَمَن يَفْعَلْ ذلك ﴾ « مَنْ » شرطيَّة [ مبتدأ ]، والخبر « فَسَوْفَ » والفاءُ هنا واجبة لِعَدَمِ صلاحيَّةِ الجَوَابِ للشَّرْطِ، و « ذَلٍكَ » إشارةٌ إلى قتل الأنفُسِ قال الزَّجَّاجُ : يَعُودُ إلى قَتْلِ الأنْفُسِ، وأكل المالِ بالبَاطِلِ؛ لأنَّهُمَا مذكوران في آية واحدة.
وقال ابْنُ عَبَّاسٍ : إنَّهُ يعودُ على كُلِّ ما نهى اللهُ عنه من أوَّلِ السُّورةِ إلى هذا المَوْضعِ، وقال الطَّبريُّ :« ذلك » عائد على ما نهي عنه من آخر وعيد وذلك قوله تعالى :﴿ يَا أَيُّهَا الذين آمَنُواْ لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ النسآء كَرْهاً ﴾ [ النساء : ١٩ ] ؛ لأنَّ كل ما ينهى عنه من أوَّلِ السُّورةِ قرن به وعيد، إلا مِنْ قوله :﴿ يَا أَيُّهَا الذين آمَنُواْ لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ النسآء كَرْهاً ﴾ [ النساء : ١٩ ] فإنَّهُ لا وعيدَ بَعْدَهُ إلا قوله :﴿ وَمَن يَفْعَلْ ذلك عُدْوَاناً ﴾ [ النساء : ٣٠ ] الآية. وقيل الوعيد بذكر العُدْوَانِ والظُّلْمِ، ليخرج منه فعل السَّهْوِ والغلط، وذكر العًُدْوَانِ، والظُّلْمِ مع تقارب معناهما لاختلافِ ألفاظِهِما كقوله :« بُعْداً » و « سُحْقاً » وقوله يعقوب عليه السلام :﴿ إِنَّمَآ أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى الله ﴾ [ يوسف : ٨٦ ] وقوله :[ الوافر ]
١٧٩١ أ-........................... | وألْفَى قَوْلَهَا كَذِباً وَمَيْنَا |
وقرئ :« نَصْليه » بفتح النُّونِ من صَلَيْتُه النَّار. ومنه :« شاة مصلية ».
و « يصليه » بياء الغَيْبَةِ. وفي الفاعِلِ احتمالان :
أحدهُمَا : أنَّهُ ضميرُ الباري تعالى.
والثًَّاني : أنَّهُ ضميرٌ عائدٌ على ما أُشير به إلَيْهِ مِنَ الْقَتْلِ؛ لأنَّهُ سَبَبٌ في ذلك ونكر « ناراً » تعظيماً.
﴿ وَكَانَ ذلك عَلَى الله يَسِيراً ﴾ أي : هيناً.