والثَّاني : أن يتعلَّق بمحذُوف؛ لأنَّهَا صفة للنكِرَةِ، أي : كائناً من أهله فهي للتَّبْغيضِ.
فصل
شَرْطُ الحَكَمَيْنِ أن يكونَا عَدْلَيْنِ، ويجعلهما الحَاكِمُ حَكَمَيْنِ، والأولى أنْ يكُونَ [ واحد من أهْلِهِ، وواحد من أهْلِهَا، لأنَّ أقاربهما أعرف بحالهما من الأجَانِبِ، وأشدّ طلباً للصلاح، فإن كانا ] أجنبيّين [ جَازَ ].
وفائدة الحكمين أن يخلو كُلّ واحد منهما بِصَاحِبِه، ويستكشف منه حقيقةَ الحَالِ، ليعرفَ رَغْبَتَهُ في الإقَامَةِ معه على النِّكَاحِ، أو المُفَارَقِةِ، ثمَّ يَجتمعُ الحكمان، فَيَفْعَلاَنِ ما هو المَصْلَحَةُ من طلاقٍ، أو خَلْع.
وهل للحكمين تَنْفِيذُ أمْرٍ يُلْزِمُ الزَّوِجَيْنِ دون إذْنِهِمَا، مثل : أن يطلق حَكَمُ الرَّجل، أو يفتدي حَكَمُ المرْأةِ بشيءٍ من مالِهَا؟
قال أبُو حَنِيفَةَ : لاَ يَجُوزُ.
وقال غيره : يَجُوزُ.
قوله :﴿ إِن يُرِيدَآ ﴾ يَجُوزُ أن يَعُودَ الضميران في ﴿ إِن يُرِيدَآ ﴾ و ﴿ بَيْنَهُمَآ ﴾ على الزَّوْجَيْنِ، أي : إن يُرد الزَّوجان إصلاحاً يُوفِّق اللهُ بَيْنَ الزوجين، وأنْ يَعُودا على الحَكَمَيْنِ، وأن يُعودَ الأوَّلُ على الحَكَمَيْنِ، والثَّانِي على الزَّوْجَيْنِ، وأنْ يَكُونَ بالعكس وأُضْمِرَ الزَّوجان وإن لم يجر لهما ذكرٌ لدلاَلَةِ ذِكرِ الرِّجَالِ والنِّسَاءِ عليهما. وجعل أبُو البقاءِ الضَّميرَ في ﴿ بَيْنَهُمَآ ﴾ عائداً على الزَّوْجَينِ فقط، سَوَاءٌ قيل بأن ضمير ﴿ يُرِيدُ الله ﴾ عائداً على الحكمين، او الزوجين.
فصل
قال القُرْطُبِيُّ : ويجزي إرسالُ الوَاحِدِ قال : لأن الله - تعالى - حكم في الزنا بأربعة شهود، ثم أرسل النبي ﷺ إلى المرأة الزَّانية أنَيْساً وحده، وقالَ له :« إن اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا » قال : وإذا جَازَ إرسال الواحد فلو حَكَّمَ الزوجان واحداً أجْزَأ إذَا رَضِيَا بذلك، وإنما خاطب الله الحكام دون الزوجين، فإن أرسل الزوجان حَكَمَيْنِ وحَكما نفذ حكمهما؛ لأن التحكيم عندنا جائز، وينفذ فعلُ الحكم في كل مسألة، إذا كان كل واحد منهما عدلاً.
وأصل التوفيق المُوافَقَةَ، وهي المُسَاوَاة في أمْرِ من الأمور، فالتَّوْفِيق اللُّطف الذي يتفق عنده فعل الطاعة. ثم قال :﴿ إِنَّ الله كَانَ عَلِيماً خَبِيراً ﴾ والمراد : الوعيد للزَّوْجَيْنِ والحَكَمَيْنِ في طريق سُلُوك المُخَالفِ الحق.