قال القرطبي : في الكلام إضْمَار، تقديره :﴿ وَلاَ يُؤْمِنُونَ بالله وَلاَ باليوم الآخر ﴾ فَقَرينُهُم الشَّيْطَان ﴿ وَمَن يَكُنِ الشيطان لَهُ قَرِيناً فَسَآءَ قِرِيناً ﴾.
قوله :﴿ فَسَآءَ قِرِيناً ﴾ وفي « فساء » هذه احتمالان :
أحدهما : أنَّها نقلت إلى الذَّمِّ، فجرت مُجْرى « بِئْسَ »، ففيها ضَميرٌ فاعلٌ لها مُفَسِّر بالنكِرَة بعده، وهو ﴿ قِرِيناً ﴾ والمخصُوص بالذَّمِّ مَحْذُوف، أي : فَسَاءَ قريناً هُوَ، وهو عائد [ إما ] على الشَّيْطَان، وهو الظَّاهِر، وإمَّا على « مَنْ »، وقد تَقَدَّم كم نِعْم وبِئْس.
الثاني : على بابها، فهي مُتَعَدِّية، ومَفْعُولها مَحْذُوف، و « قريناً » على هذا مَنْصُوب على الحَالِ أو على القَطْعِ، والتَّقدير : فساءَهُ، أي : فساء الشَّيْطَان مُصَاحَبَة؟
قال القُرْطُبِي :﴿ قِرِيناً ﴾ مَنْصوب على التَّمييز، واحتجُّوا للوجْه الأوَّل بأنَّه كان يَنْبَغِي أن يحذف الفَاءَ من « فَسَاءَ »، أو تَقْتَرِن به « قَدْ »، لأنه حينئذٍ فِعْل مُتَصرِّف ماض، وما كان كذلِك ووقع جواباً للشَّرْط، تَجَرَّد من الفَاءِ أو اقْتَرَن ب « قد »، هذا معنى كَلاَم أبِي حيَّان.
قال شهاب الدين : وفيه نَظَر؛ لقوله -تعالى- :﴿ وَمَن جَآءَ بالسيئة فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النار هَلْ تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [ النمل : ٩٠ ] ﴿ وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ فَكَذَبَتْ ﴾ [ يوسف : ٢٧ ] مما يُؤوّل به هذا ونحوه يَتَأوّل به هذا، وممَّن ذَهَب إلى أن ﴿ قِرِيناً ﴾ منصوب على الحالِ ابن عَطِيَّة، ولكن يُحْتَمل أن يكُون قَائِلاً بأن « سَاءَ » متعدِّيَة، وأن يكون قَائِلاً برأي الكُوفيِّين، فإنَّهم يَنْصُبُون ما بَعْدَ [ نِعْمَ ] و « بِئْسَ » على الحَالِ.
والقَرِين : المُصَاحِب [ الملازِم ] وهو فعيل بِمَعْنَى مُفَاعِل : كالخَليطِ والجَليسِ، والقَرَنُ : الحَبْل؛ لأنه يُقْرَنَ به بَيْنَ البعيريْن قال :[ البسيط ]



الصفحة التالية
الموسوعة القرآنية Quranpedia.net - © 2025
Icon
١٧٩٦-......................... وَابْنُ اللَّبَون إذَا مَا لُزَّ فِي قَرَنٍ