قال الرازي :« هذا غلط من جهة المعنى واللفظ، أما المعنى فللإباحة السراري صح أنه مظنة كثرة العيال كالتزويج، وأما اللفظ؛ فلأن مادة عال بمعنى كثر عياله من ذوات الياء؛ لأنه من العَيْلَةِ، وأما عال بمعنى » جار « فمن ذوات الواو، واختلفت المادتان، وأيضاً فقد خالف المفسرين ».
وقال صاحبُ النظم : قال أولاً « ألاَّ تعدلوا » فوجب أن يكون ضده الجور.
وأجيب عن الأول وهو أنَّ التَّسْتَرِي أيضاً يكثر معه العيال، مع أنه مباح ممنوع؛ لأن الأمة ليست كالزوجة؛ لأنه يعزل عنها بغير إذنها، ويؤجرها ويأخذ أجرتها ينفقها عليه وعلى أولاده وعليها.
قال الزمخشري :« وجههُ أن يُجْعَلَ من قولك : عَالَ الرجلُ عياله يعولهم كقولك : مانَهم يُمُونهم أي : أنْفَقَ عليهم؛ لأن من كثر عياله لَزِمَهُ أن يَعُولهم، وفي ذلك ما يصعب عليه المحافظة من كسب الحلال والأخذ من طيب الرزق » ثم أثنى على الشافعي ثناءً جميلاً، وقال : ولكن للعلماء طُرق وأساليبُ، فسلك في تفسير هذه الآية مسلك الكنايات، انتهى.
وأما قولُهم :« خالف المفسرين » فليس بصحيح، بل قاله زيد بن أسلم وابن زيد.
واما قولهم :« اختلفت المادتان » فليس بصحيح أيضاً؛ لأنه قد تقدَّم حكايةُ ابن الأعرابي عن العرب : عال الرجل يعول كثر عياله، وحكاها الْكِسَائِيُّ أيضاً قال : يقالُ : عالَ الرَّجل يَعُولُ، وأعال يعيل كثر عياله.
قال أبو حاتم : كان الشَّافِعِيُّ أعْلَمَ بلسانِ العرب مشنَّا، ولعلّه لغة، ويقال : هي لغة « حمير » ونقلها أيضاً الدَّوْرِيُّ المقرِئُ لغةً عِنْ حِمْيَرَ وأنشد [ الوافر ] :
١٧٤٦- وَإنَّ الْموتَ يأخُذُ كُلَّ حَيٍّ | بِلاَ شَكٍّ وَإنْ أمْشِي وَعَالا |
وقرأ طلحة :« تَعيلوا » بفتح تاء المضارعة من عال يعيل افتقر قال :[ الوافر ]
١٧٤٧- فَمَا يَدْرِي الفَقِيرُ مَتى غِنَاهُ | وَمَا يَدْرِي الْغَنِيُّ مَتَى يَعِيلُ |
وقال الرَّاغبُ : عَالَهُ، وَغَالَهُ يتقاربان، لكن الغَوْلَ : فيما يُهلك والعَوْل فيما يُثْقِلُ.