وقُرئ :« وحَسْن » بسُكون السِّين؛ يقول المتعجب : حَسْنَ الوَجْهِ وَجْهُك، وحَسْنُ الوَجْه وجْهك بالفَتْح والضَّمِّ مع التَّسْكِين.
قال أبو حَيَّان : وهو تَخْلِيط وتَرْكِيبُ مذْهب على مَذْهَبٍ، فنقول اخْتَلَفُوا في فِعْلٍ المراد به المَدْح. فذهب [ الفارسي ] وأكثر النُّحَاةِ : إلى جَوازِ إلْحَاقه ببَابِ « نِعْم » و « بِئْسَ » [ فقط، فلا يكُون فَاعِلُهِ إلا مَا يكُون فَاعِلاً لَهُمَا ].
وذهب الأخْفَش والمُبَرِّد إلى جَوازِ إلْحَاقِه بِبَابِ « نَعْمَ » و « بِئْسَ » ]، فيُجْعَل فَاعِله كَفَاعِلَهمَا، وذلك إذا [ لم ] يَدْخُلُه مَعْنَى التَّعَجُّب [ وإلى جَوَازَ إلْحَاقِه بَفِعْل التَّعَجُّب ] فلا يجري مُجْرَى « نعم » و « بِئْس » في الفَاعِل، ولا في بَقِيَّة أحْكَامِهما، فَتَقُول : لَضَرُبَتْ يدك ولضرُبَت اليَدْ، فأخذ التَّعَجُّبَ من مَذْهَب الأخْفَش، والتمثيل من مَذْهَب الفارسيّ، فلم يَتَّبع مَذْهَباً من المَذْهَبَيْن، وأما جَعْله [ التَّسكِين ] والنَّقْل دلِيلاً على كَوْنِهِ مُسْتَقِلاً بالتَّعَجُّب، فغير مُسَلَّم؛ لأن الفَرَّاء حَكَى في ذلك لُغَةً في غير مَا يُرَادُ به التَّعَجُّب.
و « الرَّفِيقُ » في اللُّغَة مأخُوذ من الرِّفْق، وهو لينُ الجَانِبِ ولطافة الفِعْل، وصَاحِبه رَفِيقٌ، ثم الصَّاحِبُ يسمى رَفِيقاً؛ لارْتفَاقِكَ به وبِصُحْبَتِه، ومن هذا قِيل للجَمَاعة في السَّفَر : رُفْقَة؛ لارتفاق بَعْضِهِم بِبَعْض، والمَعْنَى : أن هَؤلاَءِ رُفَقَاء في الجَنَّة.
روى أنَس : بن مالِك قال : قال رجُل : يا رسُولَ الله مَتَى السَّاعة؟ قالَ ومَا أعْدَدْتَ لَهَا؛ فلم يَذْكُر كَثيراً إلا أنَّهُ يُحِبُّ الله ورسُوله. قال : فأنْتَ مع مَنْ أحْبَبْت.
قوله :﴿ ذلك الفضل مِنَ الله ﴾ « ذَلِكَ » مُبْتَدأ، وفي الخَبَر وَجْهَان :
أحدهما : أنه « الفضل » والجَار والمَجْرُور في مَحَلِّ نَصْبٍ على الحَالِ، والعَامِلُ فيها مَعْنَى الإشَارَة.
والثاني : أنه الجَارُّ، و « الفضل » صِفَة لاسْم الإشَارَة، ويجوز أن يكُون « الفضل » والجار بَعْدَه خَبَرَيْن [ ل « ذَلِك » ] على رَأي من يجيزُه.
فصل : في دفع شُبه المعتزلة القائلين بوجوب الثواب
« ذلك » [ اسم ] إشَارَة إلى ما تَقَدَّم ذكْرُه من الثَّوَابِ، وقد حكم عليه بأنَّه فَضْل من اللهِ، وهذا يَدُلُّ على أن الثواب غير وَاجِبٍ على الهِ - تعالى-، وَيَدُلُّ عليه من جِهَة العَقْلِ أيْضاً وُجُوه :
أحدها : أن القٌدْرَة على الطَّاعَةِ إن كَانَت لا تَصْلُح إلا للطَّاعَةِ، فَخَالِقُ تلك القُدْرَةِ هو الَّذِي أعْطَى الطَّاعَة، فلا يَكُون فعْلُه مُوجباً شَيْئاً، وإن كانت صالحة للمَعْصِيَة أيْضاً، لم يترجَّحْ جَانِب الطَّاعة [ لله ] على جَانِب المَعْصِيَة إلا بِخَلْقِ الدَّلعِي إلى الطَّاعَة، ويصِيرُ مَجْمُوع القُدْرَةِ والدَّاعِي موجِباً للفِعْل، فخالق هذا المَجْمُوعِ، هو الَّذِي أعْطَى الطَّاعة، فلا يَكُون فِعْلُه مُوجِباً عليه شَيْئاً.