الرابع : أرْض مِصْر؛ قال - تعالى- ﴿ فَأَرَادَ أَن يَسْتَفِزَّهُم مِّنَ الأرض ﴾ [ الإسراء : ١٠٣ ].
الخامس : أرض الجَنَّة؛ قال تعالى ﴿ وَأَوْرَثَنَا الأرض نَتَبَوَّأُ مِنَ الجنة حَيْثُ نَشَآءُ ﴾ [ الزمر : ٧٤ ].
السادس : بُطُون النِّساء؛ قال - تعالى- :﴿ وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضاً لَّمْ تَطَئُوهَا ﴾ [ الأحزاب : ٢٧ ] يعني : النساء.
السابع : الرحمة؛ قال - تعالى- :﴿ لِلَّذِينَ أَحْسَنُواْ فِي هذه الدنيا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ الله وَاسِعَةٌ ﴾ [ الزمر : ١٠ ]، وقوله - تعالى- :﴿ ياعبادي الذين آمنوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ ﴾ [ العنكبوت : ٥٦ ] أي رحْمَتِي.
الثامن : القَلْب؛ قال - تعالى- :﴿ اعلموا أَنَّ الله يُحْيِي الأرض بَعْدَ مَوْتِهَا ﴾ [ الحديد : ١٧ ]، أي : يحيى القُلُوب بعد قَسْوَتِها.
قوله :« فتُهاجِرُوا » مَنْصُوبٌ في جَوَابِ الاسْتِفْهَام.
وقال أبو الببَقَاء :« ألَمْ تَكُنْ » استِفْهام بمعنى التَّوْبِيخ، « فتُهَاجِرُوا » مَنْصُوبٌ على جواب الاستفهام؛ لأنَّ النَّفْي صار إثْبَاتاً بالاستفهَام «. انتهى.
قوله :» لأنَّ النَّفْي « إلى آخره لا يَظْهَر تَعْلِيلاً لقوله :» مَنْصُوبٌ على جواب الاستِفْهَام « ؛ لأن ذلك لا يَصِحُّ، وكذا لا يَصِحُّ جَعْلُه عِلّةً لقوله :» بمَعْنَى التَّوْبيخ «، و [ » ساءت « ] : قد تَقَدَّم القول في » سَاء «، وأنها تَجْرِي مَجْرى » بِئْس « فيُشْترط في فاعلها ما يُشْتَرَك فَاعِلِ تيك، و » مصيراً « : تَمْيِيز.
وكما بَيَّن عَدَم عُذْرِهِم، ذكر وعيدَهُم، فقال :» فأولئك مأواهم جَهَنَّم، ثم استَثْنى فقال :« إلا المستضعفين » : في هذا الاستثناءِ قولان :
أحدُهُما : أنه متصلٌ، والمسْتَثْنَى منه قوله :« فأولئك مأواهم جهنم »، والضمير يعودُ على المُتوفِّيْن ظَالِمِي أنْفُسِهم، قال هذا القَائِل : كأنه قيل : فأولئك في جَهَنَّم إلا المُسْتَضْعَفين، فعلى هذَا يَكُون هذا استِثْنَاء مُتَّصلاً.
والثاني- وهو الصَّحيح :- أنه مُنْقَطِعٌ؛ لأن الضَّمير في « مَأواهُم عائدٌ على قوله :» إن الذين توفاهم «، وهؤلاء المُتوفَّوْن : إمَّا كُفَّارٌ أو عُصَاة بالتَّخَلُّف، على ما قال المفَسِّرون، [ وهم ] قادرون على الهِجْرَة، فلم يندرجْ فيهم المُسْتَضْعَفُون فكان مُنْقَطِعاً، و » مِنْ الرِّجَال « حالٌ من المُسْتَضْعَفِين، أو من الضَّمِير المستتر فيهم، فيتعلَّقُ بمَحْذُوف.
قوله :» لا يستطيعون حيلة « في هذه الجُمْلَة أرْبَعة أوجه :
أحدها : أنَّها مستأنفةٌ جوابٌ لسؤالٍ مقدَّرٍ، كأنه قيل : ما وَجْهُ استِضْعَافِهم؟ فقيل : كذا.
والثاني : أنها حالٌ.
قال أبو البَقَاء :» حالٌ مبينَّة عن مَعْنَى الاستِضْعَاف «، قال شهاب الدين : كأنَّه يُشِير إلى المَعْنَى المتقدِّم في كونها جَوَاباً لسُؤال مُقَدِّر.
الثالث : أنها مفسِّرةٌ لنفسِ المُسْتَضْعَفِين؛ لأنَّ وجوه الاستِضْعَاف كثيرة، فبيَّن بأحد مُحْتَمَلاته، كأنه قيل : إلا الذين استُضْعِفُوا بسبب عَجْزِهِم عن كذا وكذا.
الرابع : أنها صِفَة للمُسْتَضْعَفِين أو للرِّجَال ومن بَعْدَهم، ذكره الزمخشري، وعبارة البيضاوي أنه صِفَة للمُسْتَضْعَفِين؛ إذ لا تَرْقِية فِيِهِ، أي : لا تعيُّن فيه، فكأنه نكِرةٌ، فَصَحَّ وَصْفُهُ بالجُمْلَة. انتهى ما ذكرنا.