، وقرأ هذه الآية :﴿ وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن كَانَ بِكُمْ أَذًى مِّن مَّطَرٍ أَوْ كُنتُمْ مرضى أَن تضعوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُواْ حِذْرَكُمْ ﴾ أي : من عدُوِّكم، وقال سعيدُ بن جُبَير عن ابن عبَّاس في هذه الآية : كان عَبْدُ الرَّحْمَنِ بن عَوْف جَرِيحاً.
فصل
أمر أولاً بأخذ الحَذَر والأسلحة، فَدَلَّ على وُجُوبِهِ، ويؤكِّدُه قوله ههنا : لا جناح عليكم إن كانَ بَكُمْ أذَى من مَطَرٍ أَوْ كنتم مَرْضَى [ أن تضعوا أسلحتكم ] فخصَّ رفع الجُنَاح في وَضْع السِّلاح بهاتين الحَالَتين، وذلك يَدُلُّ على أنَّ ما عَدَا هَاتَيْن الحَالَتَيْن، يكون الأثْم والجناحُ حَاصِلاً بسبب وضع السِّلاحِ. وقال بعضُهم : إنه سُنَّة مؤكَّدة، ثم الشَّرط : ألاَّ يحمل سِلاحاً نجساً إن أمْكَنة ولا يَحْمِل الرُّمح إلاَّ في طَرَف الصَّفِّ، بِحَيْثُ لا يَتَأذَّى به أحَد.
فصل
دَلَّت الآيَة على وُجُوب الحَذَر من العَدُوِّ، فتدلُّ على وُجُوب الحَذَرِ عن جَمِيع المَضَارِّ المظْنُونة؛ كالعِلاَج بالدَّوَاء والاحترازِ عَنِ الوَبَاءِ وعن الجُلُوس تَحْتَ الجِدَارِ المَائِل.
فصل
قالت المُعتَزِلَة : الأمر بالحَذَر يدلُّ على كَوْن العَبْدِ قادراً على الفِعْل والتَّرْكِ، وعلى جميع وجوه الحَذَر، وذلك يَدُلُّ على أنَّ فِعل العَبْد لَيْسَ مَخْلُوقاً لله - تعالى-.
وجوابه : المُعَارَضَة بِمَسْألة العِلْمِ والدَّاعي.
ثم قال- تعالى- :﴿ إِنَّ الله أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُّهِيناً ﴾ أخْبر [ -تعالى- ] بأنه يُهِينهم ويَخْذُلهم؛ تقوية لقُلُوب المُسْلِمِين.