ثم قال ﴿ وَلاَ يَجِدُونَ عَنْهَا مَحِيصاً ﴾، فقوله « عَنْهَا » : يجُوز أن يَتعلَّق بِمَحْذُوف :
إمَّا على الحَالِ من « مَحِيصاً » لأنَّه في الأصْلِ صِفَةٌ نكرةٍ قُدِّمَتْ عليها، وإمَّا على التَّبْيين أي : أعني عنها، ولا يجوزُ تعلُّقُه بمحْذُوفٍ؛ لأنه لا يتعدَّى ب « عَنْ » ولا ب « مَحِيصاً »، وإنْ كان المَعْنَى عليه لأنَّ المَصْدَر لا يتقدَّمُ معمولُه عليه، ومَنْ يَجوِّزُ ذلك، يُجَوِّزُ تعلُّق « عن » به، والمَحِيصُ : اسمُ مَصْدر من حَاصَ يَحِيص : إذا خَلَص ونَجا، وقيل : هو الزَّوَغَان بنُفُور، ومنه قولُه :[ الطويل ]

١٨٧٩- وَلَمْ نَدْرِ إنْ حِصْنا مِنَ المَوْتِ حَيْصَةً كَمِ الْعُمْرُ بَاقٍ والمَدَى مُتَطَاوِلُ
ويروي :« جِضْنا » بالجيم والضَّاد المعجمة، ومنه :« وَقَعُوا في حَيْصَ بَيْصَ »، وحَاصَ بَاص، أي : وقعوا في أمْرٍ يَعْسرُ التَّخلُّص منه، ويقال : مَحِيص ومَحَاص، قال :[ الكامل ]
١٨٨٠- أتَحِيصُ مِنْ حُكْمِ الْمَنِيَّةِ جَاهِداً مَا لِلرِّجَالِ عِنِ المَنُونِ مَحَاصُ
ويقال : حاصَ يَحُوص حَوْصاً وحِيَاصاً أي : زَايَل المكانَ الذي كان فيه، والحَوْصُ : ضِيقُ مُؤخر العين، ومنه : الأحْوَصُ.
قال الواحِدِي : الآية تَحْتَمِل وَجْهَيْن :
أحدهما : أنه لا بُدَّ لهم من وُرُودِ النَّارِ.
والثَّاني : الخُلُود الذي هو نَصِيبُ الكُفَّار.
ولما فرغ من الوعيد، أتبعه بذكر الوَعْد.


الصفحة التالية
Icon