قال أبو حيَّان :« أمَّا ما أجازه في وجه الرفع من كونه صلة » يتلى « فلا يجُوزُ إلاَّ أنْ يكونَ بَدَلاً مِنْ » فِي الكِتَابِ « أو تكون » في « للسَّبَبية، لئلا يتعلّق حَرْفا جر بلفظٍ واحد، ومعنى واحد، بعاملٍ واحدٍ، وهو ممتنعٌ إلاَّ في البَدَل والعَطْفِ، وأمَّا تجويزُه أنْ يكونَ بَدَلاً من » فيهن « فالظاهرُ أنه لا يجُوز؛ للفَصْلِ بين البَدَلِ والمُبْدَلِ منه بالمَعْطُوف، ويصير هذا نظير قولك :» زيدٌ يقيمُ في الدَّارِ، وعمرو في كِسْرٍ مِنْهَا « فَفَصَلْتَ بين » فِي الدَّارِ « وبين » في كِسْرِ « ب » عمرو «، والمَعْهُودُ في مثل هذا التَّرْكيب :» زيدٌ يقيمُ في الدَّارِ في كِسْرٍ منها وعمرو «.
الرابع : أنْ يتعلَّق بنفس الكِتَاب أي : فيما كَتَب في حُكْم اليَتَامَى.
الخامس : أنه حَالٌ فيتعلَّق بمَحْذوفٍ، وصاحبُ الحالِ هو المَرْفُوعُ ب »
يُتْلى « أي : كائناً في حُكْم يتامَى النِّسَاء، وإضافةُ » يَتَامى « إلى النِّساء من باب إضافةِ الخاصِّ إلى العَامَّ؛ لأنهن يَنْقَسمْن إلى يتامَى وغَيْرِهِن.
وقال الكُوفيُّون : هو من إضافة الصِّفَة إلى المَوْصُوف؛ إذا الأصلُ : في النِّساء اليتامى كقولك : يوم الجمعة وحق اليقين، وهذا عند البَصْريِّين لا يجُوزُ، ويُؤوِّلُون ما وَرَدَ من ذَلِك؛ ولأن الصفة والموصُوف شيء واحدٌ، وإضافة الشيء إلى نفسه محَالٌ.
وقال الزَّمَخْشَرِيُّ : فإنْ قُلْت : إضافة اليَتَامَى إلى النِّسَاء ما هِيَ؟ قلت : هي إضافةٌ، بمَعْنَى :»
مِنْ « نحو : سُحْقِ عِمَامةٍ.
قال أبو حيًّان :»
والذي ذكره النَّحوِيُّون من ذلك [ إنَّما هُو ] إضافة الشَّيْء إلى جِنْسِه، نحو :« خاتمُ حَدِيدٍ » ويجوزُ الفَصْل : إمَّا بإتباع، نحو :« خاتمٌ حديدٌ »، أو تنصبَه تَمْييزاً، نحو :« خاتمٌ حديداً »، أو بجره ب « مِنْ » نَحْو : خاتم من حَديدٍ «، قال :» والظَّاهِر أن إضافة « سُحْقِ عِمَامةٍ » و « يَتامَى النِّساء » بمعنى : اللام، ومعنى اللام : الاخْتِصَاص «. وهذا الردُّ لَيْس بشيء، فإنهم ذَكَروا [ في ] ضَابِط الإضَافة التي بِمَعْنى » مِنْ « أن تكونَ إضَافَة جُزْءٍ إلى كُلٍّ، بشرطِ صِدْقِ اسمِ الكُلِّ على البعْضِ، ولا شك أن » يَتَامَى « بَعْض من النِّسَاء، والنِّسَاء يَصْدُق عَلَيْهِنَّ، وتحرَّزْنَا بقولنا :» بشرط صِدْقِ الكُلِّ على البَعْض « من نحو :» يَدُ زَيْد « فإنَّ زيداً لا يَصْدُقُ على اليَدِ وحْدَها.
وقال أبو البقاء :﴿ في يتامى النِّساء ﴾ [ أي :] في اليتَامَى مِنْهُنَّ »
وهذا تَفْسِيرُ معنى لا إعْرَابٍ.
والجُمْهُور على « يَتَامَى » جمع : يَتيمَة.
وقرأ أبو عَبْد الله المَدَنِي :« ييامى » بياءيْن مِنْ تَحْتُ، وخرَّجه ابن جِنِّي : على أن الأصْل « أيامَى » فأبْدَلَ من الهَمْزَة ياءً، كما قَالُوا :« فلانٌ ابنُ أعْصُر ويَعْصُر »، والهَمْزَةُ أصلٌ، سُمِّي بذلك لقوله :[ الكامل ]


الصفحة التالية
Icon