قال ابن عطيَّة :« وهي مردودةٌ » وقال غيره : لا ينبغي أن تَصِحَّ عنه، واعتذر أبو حيان عنها لأجْلِ فصاحة الحَسَن، واحتجاجِ الناس بكلامه بأنَّ فتْح الميم لأجل إتباعها بحركة الذال؛ قال :« وإذا كانُوا قد أتبعوا في » مِنْتِنٍ « حركة الميم بحركة التاء، مع الحاجز بينهما، وفي نحو » مُنْحَدُر « أتبعوا حركة الدال بحركة الراء حالة الرفع، مع أنَّ حركة الإعراب غيرُ لازمة؛ فلأنْ يُتْبِعُوا في نحو » مَذَبْذَبِينَ « أوْلَى ». [ قال شهاب الدين :] وهذا فاسدٌ؛ لأن الإتباع في الأمثلة التي أوردها ونظائِرَها إنما هو إذا كانت الحركةُ قويةً، وهي الضمةُ والكسرةُ، وأمَّا الفتحةُ فخفيفةٌ، فلم يُتْبِعُوا لأجْلها، وقرأ ابن القعقاع بدَالَيْن مُهْملتَيْنِ من الدُّبَّة، وهي الطريقة [ الَّتي يُدَبُّ فيها ] يقال :« خَلِّني وَدُبَّتِي » أي : طريقَتِي؛ قال :[ الطويل ]
١٨٩٤- طَهَا هُذْرُبَانٌ قَلَّ تَغْمِيضُ عَيْنِهِ | عَلَى دُبَّةٍ مِثْلِ الْخَنِيفِ المُرَعْبَلِ |
ومُذَبْذَبٌ وشبهُه نحْوُ : مُكَبْكَبٍ ومُكَفْكَفٍ؛ مِمَّا ضُعِّفَ أولُه وثانيه، وصَحَّ المعنى بإسقاط ثالثه - فيه مذاهبٌ :
أحدها :- وهو قولُ جمهور البصريين - : أنَّ الكلَّ أصولٌ؛ لأنَّ أقلَّ البنية ثلاثةُ أصولٍ، وليس أحدُ المكرَّرين أوْلَى بالزيادةِ من الآخر.
الثاني - ويُعْزَى للزجَّاج - : أنَّ ما صَحَّ إسقاطُه زائدٌ.
الثالث - وهو قول الكوفيين - : أن الثالث بدلٌ من تضعيف الثاني، ويزعُمُون أن أصل كَفْكَفَ : كَفَّفَ بثلاث فاءات، وذَبْذَبَ : ذَبَّبَ بثلاث ياءات، فاستُثْقِل توالي ثلاثةِ أمثالٍ، فأبْدَلُوا الثالثَ من جنْس الأوَّل، أمَّا إذا لم يَصِحَّ المعنى بحذفِ الثالث، نحو : سِمْسِم وَيُؤيُو وَوَعْوَعٍ؛ فإنَّ الكلَّ يزعمون أصالةَ الجميعِ، والذَّبْذَبَةُ في الأصل : الاضطرَابُ والحركة ومنه سُمِّي الذُّباب؛ لكَثْرة حركَتِه.
قال - عليه السلام - :« من وُقي شر قَبْقَبه وذبذبه ولَقْلَقِه وجبت له الجَنَّة » يعني : الذكر يُسَمَّى بذلك لتَذَبْذُبِه، أي : حركته، وقيل التَّذَبْذُب : التَّرَدُّد بين حَالَيْن.
قال النابغة :[ الطويل ]
١٨٩٥- ألَمْ تَرَ أنَّ اللَّهَ أعْطَاكَ سُورَةً | تَرَى كُلَّ مَلْكٍ دُونَهَا يَتَذَبْذَبُ |
١٨٩٦- خَيَالٌ لأمِّ السَّلْسَبِيلِ وَدُونَهَا | مَسِيرَةُ شَهْرٍ للْبَعيرِ المُذَبْذِبِ |