قرأ الجمهور بسكون اللاَّم في الأفعال الثَّلاَثَةِ وهي لام الأمر، والفعل بعدها مجزومٌ بها، وقرأ الحَسَنُ وعيسى بْنُ عُمَرَ بكسر اللامِ في الأفْعَالِ الثَّلاثة وهو الأصل، والإسكان تخفيفٌ إجراءً للمنفصل مُجْرى المتصل، فإنهم شَبَّهوا « وليخش » ب « كَيف » وهذا ما تَقَدَّمَ الكلام في نحو :« وهْيَ » و « لَهْي » في أول البقرة.
قال القرطبي : حذفت الأولف من ﴿ وَلْيَخْشَ ﴾ للجزم بالأمر، ولا يجوز عند سِيبَويْه إضمار لام الأمر قياساً على حروف الجرّ إلاّ ضرورة شعر، وأجاز الكوفيون حذف اللام مع الجزم.
وأنشدوا :[ الوافر ]
١٧٥٩- مُحَمَّدُ تَفِدُ نَفْسَكَ كُلُّ نَفْسٍ | إذَا مَا خِفْتَ مِنْ شَيءٍ تَبَالاَ |
أحدهما : أنَّهَا على بابها من كونها حرفاً لما كان سيقع لوقوع غيره أو حرف امتناع لامتناع على اختلاف العبارتين.
والثَّانِي : أنَّهَا بمعنى « إن » الشَّرطية وإلى الاحتمال الأوَّل ذهب ابْنُ عطيّة والزَّمخشري.
قال الزَّمخشريُّ : فإن قلت ما معنى وقوع ﴿ لَوْ تَرَكُواْ ﴾ وجوابه صلة ل « الذين » قلت : معناه : وليخش الَّذِينَ صفتهم وحالهم أنَّهم لو شارفوا أن يتركوا خَلْفَهُمْ ذريّة ضِعافاً، وذلك عند احتضارهم خَافُوا عليهم الضياع بعدهم لذهاب كافلهم وكاسبهم كما قال القائل :[ الوافر ]
١٧٦٠- لَقَدْ زَادَ الحَيَاةَ إليَّ حُبّاً | بَنَاتِي إنَّهُنَّ مِنَ الضِّعَافِ |
أُحَاذِرُ أنْ يَرَيْنَ البُؤسَ بَعْدِي | وَأنْ يَشْرَبْنَ رَنْقاً بَعْدَ صَافِي |
وإلى الاحتمال الثَّانِي ذهب أبو البقاءِ وابنُ مَالِكٍ :« لو » هنا شرطية بمعنى « إنْ » فتقلب الماضي إلى معنى الاستقبال، والتَّقدير : وليخش الذين إنْ تركوا ولو وقع بعد « لو » هذه مضارع كان مستقبلاً كما يكونُ بَعْدَ « إنْ » وأنشد :[ الكامل ]
١٧٦١- لاَ يُلْفِكَ الرَّاجُوكَ إلاَّ مُظْهِراً | خُلُقَ الكِرَام وَلَوْ تَكُونُ عَدِيماً |
١٧٦٢- قَوْمٌ إذَا حَارَبُوا شَدُّوا مَآزِرَهُمْ | دُونَ النَّسَاءِ وَلَوْ بَاتَتْ بأطْهَارِ |